تابع جديد المدونة عبر:

مشكلة مخاطر سوء النية و كيفية التغلب عليها


حتى مع افتراض قدرة الأفراد – أصحاب الأموال - على التفرقة بين الجيد والسيء من الأفراد والمنظمات قبل إتمام الصفقة المالية وبالتالي عدم تعرضهم لمشكلة الإختيار السيئ، إلا أنهم لا يزالون عرضة لمشكلة أخرى تحدث بعد إتمام الصفقة المالية وهي احتمال تعرضهم لمخاطر سوء النية من قبل مستخدمي الأموال الذين يقومون باستخدام الأموال في أنشطة لا يرضى عنها أصحاب الأموال كالأنشطة الغير منتجة أو مرتفعة المخاطر، الأمر الذي يزيد من فرص عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية اتجاه أصحاب الأموال.

 فعلى سبيل المثال نجد أن عدم تماثل المعلومات بين مديري الشركات و حملة الأسهم العادية يعرض حملة الأسهم لهذا النوع من المشكلات. بعبارة أخرى،إن عدم توافر المعلومات لدى حملة الأسهم (أصحاب الأموال) عن كيفية استخدام أموالهم بواسطة مديري الشركات يجعلهم عرضة لهذه المشكلة، فانفصال الملكية عن الإرادة داخل الشركة المساهمة يزيد من احتمال قيام مديري هذه الشركات باستخدام أموال حملة الأسهم في القيام بأنشطة استثمارية غير منتجة كبناء وتجهيز مكاتب فاخرة أو شراء سيارات فاخرة للإستخدام الشخصي أو استخدام الأموال في تنفيذ استراتيجيات ليس من شأنها زيادة ربحية الشركة ولكن لتدعيم مكانة وزيادة نفوذ هؤلاء المديرين ، كالإستراتيجيات الخاصة بشراء شركات أخرى فقط لمجرد زيادة حجم الشركة وما يترتب عليه من زيادة نفوذ هؤلاء المديرين وانخفاض احتمال تعرض الشركة للبيع.

ويطلق على هذا النوع من المشاكل التي يتعرض لها حملة الأسهم بعد إتمام الصفقة بمشكلة الوكالة أي عدم قدرة مديري الشركات باعتبارهم وكلاء لحملة الأسهم على تعظيم ثروة هؤلاء الأفراد. وحملة السندات أيضا قد يتعرضون لهذا النوع من المشكلات.

 ويبقى السبب وراء تعرض الفرد المقرض أو المستثمر لمخاطر سوء النية هو عدم قدرته على المتابعة الدائمة لأنشطة المقترض أو الجهة المصدرة للورقة المالية، وذلك نظرا لما تتطلبه هذه العملية من تكاليف الوقت والجهد التي ليس بمقدوره أن يتحملها وحتى مع إصرار هذا الفرد على أن يتضمن عقد الإقتراض على بنود تحد من قدرة  المقترض على القيام بأنشطة مرتفعة المخاطر، إلا أنه لا يزال عرضة لهذه المخاطر إذا لم يقم بالمتابعة الدائمة لأنشطة المقترض للتعرف على مدى التزامه ببنود العقد. وتجنبا لهذه المشكلة وما قد يترتب عليها من تكاليف نجد أن غالبية المدخرين يحجمون عن التعامل مع الأسواق المالية، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض أداء هذه الأسواق وذلك بتقليص دورها في تعبئة مدخرات الأفراد وتوجيهها لفرض إنتاجية تساهم في زيادة النمو الإقتصادي وتحقيق مزيد من الرفاهية لأفراد المجتمع.

 وخلاصة القول أن عدم تماثل الملومات يترتب عليه مايلي:

 1- تقليص دور الأسواق المالية، وذلك نتيجة لإحجام الكثير من الأفراد المدخرين عن التعامل مع هذه الأسواق خوفا من التعرض للمشكلات سالفة الذكر .و أيضا لأحجام الشركات الجيدة عن دخول هذه الأسواق خوفا من بيع أوراقها المالية بأقل من قيمتها الحقيقية، الأمر الذي يعني حجب مدخرات المجتمع عن الفرص الإستثمارية الجيدة التي تفيد الإقتصاد القومي وترفع مستوى معيشة الأفراد.

 2-انخفاض كفاءة الأسواق المالية وذلك نتيجة لدخول بعض المدخرين لإستثمار

 أموالهم في هذه الأسواق دون توافر المعلومات الكافية مما يعرضهم لمشكلة الإختيار السيء وبالتالي توجيه مدخراتهم إلى من يسيء استخدامها، الأمر الذي يعني عدم استخدام موارد المجتمع الإستخدام الكفء الذي يخدم أغراض النمو الإفتصادي.

3-حتى مع غياب عدم تماثل المعلومات فهناك مشكلات أخرى يواجهها المدخر الفرد تمنعه من دخول الأسواق المالية وهذه المشكلات تتمثل فيما يلي:

أ‌-     ارتفاع تكاليف عقد الصفقات ،وحتى لو توفرت المعلومات لهذا المدخر فإنه يعزف عن الدخول في هذه الأسواق نظرا لإرتفاع تكاليف يعزف عن الدخول في هذه الأسواق نظرا لإرتفاع تكاليف عقد الصفقة، هذا بالإضافة إلى ما يسببه ارتفاع هذه التكاليف من مشكلات أخرى متمثلة في :

 -تقييد قدرة هذا المستثمر على تنويع استثماراته وذلك لصغر حجم أمواله التي تمتص تكاليف عقد الصفقات نسبة كبيرة منها.
- ارتفاع تكاليف السيولة، وهي التكاليف التي يتحملها صاحب الورقة المالية عند بيعها لتحويلها إلى سيولة نقدية.

ب- احتمال تعرض المستثمر الفرد لمخاطر السعر والتي تعني احتمال انخفاض

سعر الورقة المالية عن سعر الشراء الأصلي لهذه الورقة بما يعرض حامل هذه الورقة لخسارة مالية.

 كيفية التغلب على مشكلة سوء النية

ذكرنا سابقا أن مشكلة مخاطر سوء النية هي إحدى المشكلات الناجمة عن عدم تماثل المعلومات وتحدث بعد إتمام الصفقة المالية، ولذلك فمع عدم تماثل المعلومات نجد أن حملة الأسهم وحملة السندات عرضة لهذا النوع من المشكلات (كما قلنا) وذلك لوجود الحافز لدى مديري الشركات المصدرة لهذه الأوراق المالية للقيام بأنشطة غير منتجة أو مرتفعة المخاطر تزيد من احتمال عدم قدرة هذه الشركات على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه حملة الأسهم والسندات، ولذلك فإن التغلب على هذه المشكلة يكمن في توفير المعلومات بصفة مستمرة عن الأنشطة التي يقوم بها هؤلاء المديرون وذلك من خلال:
- قيام حملة الأسهم و حملة السندات بالتعقب المستمر لأنشطة هذه الشركات.

- سن التشريعات الحكومية التي تلزم هذه الشركات على الإفصاح عن بياناتها المحاسبية لتمكين حملة الأسهم من الحكم على أدائها.

- إنشاء قوانين خاصة تفرض عقوبات رادعة على مديري الشركات إذا تبين تورطهم في نشر بيانات خاطئة عن شركاتهم أو تزوير سجلات الشركة أو استغلال سلطاتهم الوظيفية للحصول على بيانات داخلية عن شركاتهم واستخدامها للتأثير على أسعار الأوراق المالية في السوق لتحقيق استفادة خاصة.

وتعتبر الهيئات العامة لسوء المال الجهة الحكومية المسؤولة عن الإشراف على توفير المعلومات والبيانات الكافية عن الأوراق المالية و الجهات المصدرة لها والتأكد من صحة هذه المعلومات والبيانات و جعلها متاحة بصفة منتظمة ودورية لتحقيق الغرض من توفيرها.

- وعلى الرغم من ضرورة إنشاء شركات متخصصة لجمع وإنتاج المعلومات ،وسن تشريعات حكومية تلزم الجهات المصدرة للأوراق المالية بالإفصاح عن بياناتها، وقيام حملة الأسهم والسندات بمتابعة أنشطة الجهات المصدرة لهذه الأوراق المالية، إلا أن كل ذلك لا يكفي للقضاء على المشكلات الناجمة عن عدم تماثل المعلومات وذلك للأسباب التالية:

- إن البيانات التي تنشرها الجهات المصدرة للأوراق المالية ليست بالشكل الذي يمكن غير المتخصصين من الاستفادة منها، كما أنها لا تتضمن كل المعلومات التفصيلية التي يحتاجها المدخرون للتفرقة بين الشركات الجيدة والشركات الغير الجيدة.

- صعوبة اكتشاف الغش و التزوير في سجلات الجهات المصدرة للأوراق المالية لأنه يتم بطريقة لا تسمح للجهة الحكومية المسؤولة أو الأفراد بسهولة اكتشافه.

- ارتفاع تكاليف متابعة أنشطة الجهات المصدرة للأوراق المالية بالنسبة للمستثمر الفرد. فحامل السهم والسند لا يمكنه بمفرده القيام بعملية المتابعة المستمرة نظرا لكثرة ماتتطلبه من مال و وقت وجهد للحصول على المعلومات الكافية والصحيحة عن تصرفات مديري الجهات المصدرة لهذه الأوراق المالية.

- ظهور طائفة المتطفلين الذين يسعون للإستفادة من معلومات قام الغير بشرائها ، وذلك من خلال محاكاة قراراتهم الإستثمارية داخل الأسواق المالية أو من خلال الإطلاع على تقارير تحتوي على هذه المعلومات.

- وإذا كان الأمر هكذا فكيف يمكن التغلب على عدم تماثل المعلومات وما يسببه من مشكلات تعرقل أداء الأسواق المالية ؟

هذا يأتي دور المؤسسات المالية كأحد القطاعات الهامة و الحيوية داخل النظام المالي لأي دولة.

0 التعليقات :

إرسال تعليق