يعتمد كثير من الناس على نصائح الأصدقاء أو على الشائعات التي تتناقلها نوادي الحديث عبر شبكات الإنتنرت في اتخاذ قراراتهم المتعلقة بالاستثمار. فبإمكان كل شخص التحدث بأن سهما يمتلكه قد حقق أفضل النتائج، ولكن كم منهم حدثك عن الخسائر التي مني بها أمثالهم وغيرهم؟ وبالطريقة نفسها، فإن معظم المحللين الماليين يبالغون في الإطراء على بعض الأسهم المنتقاة وينشرون الكثير من المعلومات عن خصائص ومزايا هذه الأسهم بعد أن تحقق المكاسب المرجوة. فكل شخص بإمكانه أن يخبرك بما كان يجب عليك عمله في الأسبوع الماضي أو في العام الماضي.
ولكي لا تكون ضحية لأولئك الذي يحاولون بيعك ما بحوزتهم من أسهم، فإنه ينبغي عليك أن تعرف الأداة التي تمكنك من التعرف على المبادئ الأساسية لقراءة القوائم المالية. فعندما يرغب أي شخص في الاستثمار في نوعية جيدة من الأسهم، فعليه الإلمام بكيفية قراءة القوائم المالية للشركات واستخراج نسب التحليل المالي والاستفادة مما يتوصل إليه من نتائج في اتخاذ القرار المناسب للاستثمار في هذه الشركة أو تلك.
فالشركات التي تطرح أسهمها للتداول في السوق تصدر العديد من القوائم المالية كل عام وتنشر هذه القوائم للعموم وتكون في متناول الجمهور. ومن مزايا هذه القوائم أنها تقدم بيانات موضوعية ملموسة يمكن استخدامها في إجراء ما يلزم من تحليلات. كما أن بالإمكان استخراج العديد من المقاييس والتقديرات النافعة عن نتائج العمليات وذلك من واقع البيانات الواردة في تقارير القوائم المالية.
وسنتطرق من خلال الحلقات التالية بالشرح للموضوعات التالية:
- كيفية قراءة البيانات الواردة في القوائم المالية على الوجه الصحيح.
- أغراض وتنظيم قوائم المركز المالي (الميزانية العمومية) والدخل والتدفقات النقدية.
- كيفية إصدار الأحكام على القوائم المالية.
بالإمكان اتباع عدة وسائل في تقييم الأداء المالي لشركة ما. ومن بين هذه الوسائل نسب التحليل المالي ratio analysis . فمن خلال مقارنة الميزانيات العمومية وقوائم الدخل للشركات بين فترة وأخرى، بالإمكان التعرف على التغيرات والاتجاهات التي تنزع إليها الشركة. كما أن احتساب النسب من واقع القوائم المالية للفترة الحالية يعتبر من الأمور بالغة الفائدة، ولكن عندما يتم جمع بيانات التحليل المقارن بين فترة وأخرى نكون قد اتبعنا طريقة بالغة الكفاءة في قياس الأداء.
ومن المعروف أن هناك أربعة أنواع رئيسة من القوائم المالية وهي: الميزانية العمومية، وقائمة الدخل، وقائمة التدفقات النقدية، وقائمة حقوق المساهمين.
وتبين الميزانية العمومية ما تمتلكه الشركة من أصول (موجودات) وما يترتب عليها من التزامات أو مطلوبات في فترة زمنية معينة. بينما تبين قائمة الدخل ما حققته الشركة من دخل وما تكبدته من تدفقات نقدية خلال فترة زمنية معينة. وتظهر قائمة التدفقات النقدية عمليات التبادل النقدي التي تتم بين الشركة والعالم الخارجي خلال فترة معينة من الزمن. أما النوع الرابع والأخير من القوائم المالية والذي يعرف باسم قائمة حقوق المساهمين فتبين التغييرات التي تطرأ على حقوق ومصالح المساهمين في شركة ما على مدى فترة زمنية معينة.
وفي هذه الحلقات سنتناول هذه الأنواع الأربعة بشيء من التفصيل لأهميتها بالنسبة لكل مستثمر أو متعامل في سوق الأسهم. وسنبدأ في حلقتنا هذه بالنوع الأول وهو الميزانية العمومية.
تقدم الميزانية العمومية معلومات مفصلة عن الأصول (الموجودات) والخصوم (المطلوبات) وحقوق المساهمين لشركة من الشركات.
فعندما تقوم بالإطلاع على ميزانية عمومية، أمعن النظر في مستوى الدين. ثم تفحص بدقة نسبة السيولة السريعة Quick Ratio ونسبة الأصول المتداولة إلى الخصوم المتداولة Current Ratio ونسبة الدين طويل الأجل إلى حقوق المساهمين Long Term Debt/Equity وإجمالي الدين إلى حقوق المساهمين Total Debt/Equity. وعليك أن تقوم على الدوام بتفحص دقيق لأرقام بنود الميزانية العمومية لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات.
والمعادلة التالية تبين باختصار البنود التي تظهر في الميزانية العمومية:
الأصول = الخصوم + حقوق المساهمين
فأصول شركة ما يجب أن تكون مساوية لمجموع الخصوم وحقوق المساهمين فيها.
وتجهز الميزانية العمومية لأية شركة من الشركات وفق المعادلة المحاسبية الأساسية المبينة أعلاه. فعلى الجانب الأيمن من صفحة الميزانية العمومية تظهر بنود الأصول للشركة. وعلى الجانب الأيسر من الصفحة نفسها تظهر بنود المطلوبات وحقوق المساهمين. وفي العادة، تظهر الميزانيات العمومية بنود الأصول في أعلى القائمة تتبعها المطلوبات ثم حقوق المساهمين في نهاية القائمة.
فالأصول Assets هي الأشياء ذات القيمة التي تمتلكها شركة ما. وهذا يعني أن بنود الأصول تلك بالإمكان بيعها أو استعمالها من قبل الشركة إما في إعداد منتجات أو في تقديم خدمات يمكن بيعها. ويتضمن بند الأصول: الممتلكات المادية مثل المصانع والشاحنات والمعدات والمخزون السلعي. كما تتضمن أشياء أخرى غير ملموسة ولكنها موجودة وذات قيمة، مثل العلامات التجارية وبراءات الاختراع. كما أن البنود النقدية تعتبر أيضا من الأصول. وتدرج بنود الأصول وفق الأسبقية أو السرعة التي يمكن بها تحويلها إلى نقد. فالأصول المتداولة current assets تتمثل في الموجودات التي تتوقع الشركة تحويلها إلى نقد خلال سنة واحدة، مثال ذلك المخزون السلعي. فمعظم الشركات تتوقع بيع البضاعة المخزونة في مستودعاتها خلال سنة واحدة. أما الأصول غير المتداولة Non-current assets فهي بنود الموجودات التي لا تتوقع الشركة تحويلها إلى نقد خلال السنة نفسها بل التي قد تستغرق عملية بيعها أكثر من سنة واحدة.
ويشمل بند الأصول غير المتداولة الأصول الثابتة. وهي تلك الأصول التي تستخدم في تشغيل أنشطة العمل التي لا تكون معروضة للبيع، مثل المباني والشاحنات والأثاث المكتبي وغيرها من الممتلكات.
أما الخصوم أو المطلوبات Liabilities فهي المبالغ النقدية التي يطلب من الشركة سدادها للغير. وهذا البند يمكن أن يتضمن جميع أنواع الالتزامات، مثل الأموال المقترضة من البنوك للتطوير والمباشرة في تسويق صنف جديد من المنتجات أو الإيجار الذي يسدد مقابل استخدام المباني أو المبالغ المستحقة لموردي المواد أو الرواتب التي تلتزم الشركة بدفعها لموظفيها، أو تكاليف المحافظة على نظافة البيئة أو الضرائب التي تلتزم الشركة بسدادها للدولة. كما يتضمن بند الخصوم أو المطلوبات الالتزامات المترتبة على توفير السلع والخدمات للعملاء في المستقبل. وتظهر بنود الخصوم (المطلوبات) في الميزانية العمومية وفق تواريخ استحقاقها. والخصوم تكون إما متداولة أو طويلة الأجل (ثابتة). فالخصوم المتداولة هي عبارة عن التزامات تتوقع الشركة تسديدها خلال فترة سنة واحدة. أما الخصوم طويلة الأجل أو الثابتة فهي الالتزامات التي تستحق بعد أكثر من عام.
أما البند الأخير من بنود الميزانية فهو بند حقوق المساهمين Shareholders’ Equity– والتي يطلق عليه أحيانا اسم رأس المال capital أو القيمة الصافية net worth وهي عبارة عن المبلغ النقدي الذي يبقى بعد قيام الشركة ببيع جميع موجوداتها وتسديد جميع التزاماتها. وهو المبلغ الذي استثمره الملاك في أسهم الشركة مضافا إليه أو مطروحا منه الأرباح أو الخسائر التي حققتها الشركة منذ إنشائها. وهي الحصة التي يمتلكها المساهمون من أصول الشركة. وبمعنى آخر، هو المبلغ الذي تمول به الشركة عن طريق الأسهم. ويطلق عليه أيضا صافي الأملاك أو صافي الأصول.
وعليه، تظهر الميزانية العمومية بنظرة سريعة بنود الأصول والخصوم وحقوق المساهمين لأية شركة من الشركات كما هي في نهاية الفترة. ولكنها لا تظهر التدفقات flows الداخلة أو الخارجة من الحسابات أثناء الفترة كما هو الحال في قائمة التدفقات النقدية التي سنتعرض لها بشيء من التفصيل في إحدى الحلقات القادمة إن شاء الله.
عرفنا في الحلقة السابقة أن القوائم المالية التي تعلنها الشركات لتوضيح موقفها المالي في السوق تنقسم إلى أربعة أنواع وهي الميزانية العمومية، وقائمة الدخل، وقائمة التدفقات النقدية، وقائمة حقوق المساهمين.
وقد تحدثنا فيها عن الميزانية العمومية.. في هذه الحلقة سنتعرف على قائمة الدخل وتفاصيلها وكيف نقرأها؟ وما الذي تعنيه هذه التفاصيل ؟ وكيف يتم استقطاع الزكاة الشرعية بناء على هذه القائمة؟
تعتبر قائمة الدخل بمثابة تقرير يظهر مقدار الإيرادات التي حققتها شركة ما خلال فترة محددة (تكون في العادة سنة أو جزءا من السنة) كما تظهر قائمة الدخل التكاليف والمصروفات المترتبة على تحقيق تلك الإيرادات.
والبند الأخير من بنود قائمة الدخل يظهر صافي الأرباح أو الخسائر التي حققتها الشركة خلال الفترة. وهذا يعطي المستثمر فكرة عن مقدار ما حققته الشركة من مكاسب أو ما تكبدته من خسائر خلال الفترة.
كما تظهر قوائم الدخل مقدار الأرباح التي حققها كل سهم من أسهم الشركة المعنية. ويعرف هذا البند باسم "ربح السهم". وهذه العملية الحسابية تبين المبالغ التي يمكن للمساهمين الحصول عليها في حال قررت الشركة توزيع صافي أرباح الفترة. (علما بأن الشركات لا تقوم في العادة بتوزيع كامل أرباحها وإنما تقوم بإعادة استثمارها في أنشطة العمل).
ولكي نفهم الكيفية التي تعد بها قوائم الدخل، فمن المفيد تشبيه تسلسل بنودها بدرجات السلم. فتبدأ من الأعلى بالمبلغ الإجمالي للمبيعات المتحققة خلال الفترة المحاسبية. ثم تتحرك نزولا درجة واحدة في كل مرة.
ومع كل خطوة، تقوم بحسم تكاليف معينة أو مصروفات تشغيل مما يكون له صلة بالإيرادات المتحققة. وفي أسفل درجات هذا السلم، وبعد حسم جميع المصروفات، نعلم من واقع الرصيد المتبقي مقدار ما حققته الشركة بالفعل من ربح أو خسارة أثناء الفترة المحاسبية.
وفي معظم الأحيان يطلق الناس على ذلك عبارة النتيجة النهائية أو نتائج العمليات the bottom line.
ففي أعلى سطر من بنود قائمة الدخل يدون المبلغ الإجمالي المتحقق من مبيعات المنتجات أو الخدمات. ويطلق على هذا البند العلوي في العادة اسم "إجمالي الإيرادات أو المبيعات". ويوصف بالإجمالي لأن المصروفات لم تخصم منه بعد. وعليه، فإن الرقم الممثل لهذا البند ما زال إجماليا وليس صافيا.
والسطر التالي من بنود القائمة يمثل المبالغ النقدية التي لا تتوقع الشركة تحصيلها من بعض عمليات البيع. وقد يكون ذلك ناجما (على سبيل المثال) عن منح حسومات على بعض المبيعات أو عن رد بعض السلع المباعة.
وعندما تقوم بطرح المردودات والحسومات من إجمالي الإيرادات، فإنك تتوصل إلى المبلغ الذي يمثل صافي إيرادات الشركة. وقد وصف هذا البند بعبارة "صافي"، كما لو أن المبلغ الذي يصفى أو يبقى في شبكة بعد عملية الغربلة التي يتمخض عنها خصم المبالغ الممثلة للمردودات والحسومات.
وعند هبوط درجات هذا السلم من السطر الممثل لبند صافي الإيرادات، نجد أمامنا عدة سطور كل سطر منها يمثل أنواعا مختلفة من مصروفات التشغيل. ورغم أن بالإمكان عرض هذه البنود بطرق متعددة، إلا أن البند الذي يلي صافي الإيرادات يمثل في العادة تكاليف المبيعات. فهذا البند يمثل ذلك المبلغ من المال الذي أنفقته الشركة لإنتاج السلع أو الخدمات التي قامت ببيعها أثناء الفترة المحاسبية.
وعليه، ففي السطر التالي يتم طرح تكاليف المبيعات من صافي الإيرادات للتوصل إلى مجموع فرعي يطلق عليه عبارة "إجمالي الربح" gross profit أو يطلق عليه أحيانا عبارة "هامش الربح الإجمالي" gross margin. ويعتبر هذا المبلغ "إجماليا" لأن هناك مصروفات معينة لم تستنزل منه بعد.
والجزء التالي من القائمة يتعلق ببند مصروفات التشغيل operating expenses، فهناك مصروفات تشغيل تتعلق بدعم عمليات الشركة لفترة معلومة من الزمن، مثال ذلك، رواتب الموظفين الإداريين وتكاليف البحوث الخاصة بتطوير منتجات جديدة. ومن الأمثلة على ذلك أيضا مصاريف التسويق. ويراعى أن مصاريف التشغيل تختلف عن بند "تكاليف البيع" cost of sales التي سبق خصمها كما هو موضح أعلاه. فمصروفات التشغيل ليس لها صلة مباشرة بعمليات إنتاج السلع أو الخدمات الجاري بيعها.
كذلك يتم خصم بند "الاستهلاك" Depreciation من إجمالي الربح. فبند الاستهلاك يمثل قيمة ما يطرأ من تلف وضرر لبعض بنود الأصول، مثل الآلات والأدوات والأثاث نتيجة استعمالها على مدى فترة طويلة من الزمن. وتقوم الشركات في العادة بتوزيع تكلفة هذه الأصول على مدى فترات استعمالها. وهذه العملية التي يتم من خلالها توزيع تكاليف هذه البنود على مدى فترات زمنية معينة يطلق عليها اسم استهلاك depreciation أو إهلاك amortization. وعليه، يلاحظ أن التكلفة المحتسبة على استعمال هذه البنود من الأصول أثناء الفترة إنما تمثل جزءا صغيرا فقط من التكلفة الأصلية لهذه الأصول.
وبعد طرح جميع مصروفات التشغيل من إجمالي الربح، نتوصل إلى مجمل الربح أو أرباح التشغيل قبل الفوائد مصروفات ضريبة الدخل. وغالبا ما يشار إلى هذا البند باسم "الدخل من العمليات" أو "إيرادات التشغيل" income from operations.
وتتمثل الخطوة التالية من عملية إعداد قائمة الدخل في احتساب الدخل أو المصروفات المتعلقة بالفائدة. فدخل الفائدة عبارة عن المبالغ النقدية التي تحققها الشركات من الاحتفاظ بمبالغها النقدية في حسابات توفير أو في صناديق أسواق المال وما شابهها من الحسابات التي تدر لها فائدة. ومن ناحية ثانية، فإن مصروفات الفائدة تتمثل في الأموال التي تدفعها الشركات كفائدة على ما تقوم باقتراضه من أموال. فبعض قوائم الدخل تظهر الدخل من الفائدة أو مصروفات الفائدة كبندين منفصلين، بينما يقوم البعض الآخر من قوائم الدخل بدمج البندين معا. وبعد ذلك يضاف أو يطرح بند دخل ومصروفات الفائدة من بند مجمل الربح (أرباح التشغيل) للتوصل إلى مجمل الربح (أرباح التشغيل) قبل الزكاة الشرعية.
وأخيرا، يتم استقطاع الزكاة الشرعية للتوصل إلى السطر الأخير من بنود القائمة، وهو بند صافي الربح أو صافي الخسائر (ويطلق على بند صافي الربح أيضا اسم صافي الدخل أو المكاسب). فمن خلال هذا البند نعلم مقدار ما حققته الشركة بالفعل من أرباح أو ما تكبدته من خسائر أثناء الفترة المحاسبية موضوع البحث. ففي نهاية المطاف كل ما نريد أن نعرفه هو الإجابة عن السؤال التالي: هل حققت الشركة ربحا أم أنها تكبدت خسارة خلال الفترة؟
وأرباح الأسهم EPS من البنود التي تتضمنها معظم قوائم الدخل وهو بند يوضح المكاسب أو الأرباح التي حققها السهم الواحد من أسهمها. وهذه العملية الحسابية توضح لنا المبلغ النقدي الذي يمكن للمساهمين أو حاملي الأسهم الحصول عليه عن كل سهم يملكونه في الشركة في حال قيامها بتوزيع كامل مبلغ صافي الدخل المتحقق خلال الفترة المحاسبية المعنية.
ولاحتساب ربح السهم، فإننا نقوم بقسمة صافي الدخل على عدد الأسهم المتداولة من رأس المال المكتتب به للشركة outstanding shares.
وبالرغم من الأهمية الكبيرة لقائمة الدخل وما يمكن أن يستخلص منها من نتائج مفيدة يمكن استخدامها في تحديد القرار الاستثماري، إلا أنها لا توضح كيف ومتى حصلت التعاملات النقدية
وتوجهات السيولة في الشركة كما توضحه قائمة التدفقات النقدية موضوع الحلقة المقبلة.
تحدثنا في الحلقتين السابقتين عن نوعين من الأنواع الأربعة للقوائم المالية التي يجب على المتعامل في سوق الأسهم الإلمام بها ومعرفة كيفية قراءتها، وهما قائمة الميزانية العمومية، وقائمة الدخل.
في هذه الحلقة سنتعرف على النوع الثالث من هذه القوائم وهي قوائم التدفقات.
قوائم التدفقات النقدية Cash Flow Statements لشركة ما تتضمن بيانات التدفق النقدي الداخل إليها والخارج منها. ويعتبر هذا البند على قدر كبير من الأهمية لأن الشركة بحاجة لتوفر قدرا كافيا من السيولة النقدية لتتمكن من تسديد مصاريفها وشراء ما يلزمها من أصول.
ففي الوقت الذي يمكننا من خلال قائمة الدخل التعرف عما إذا كانت شركة ما تحقق ربحا من عدمه، فإنه من خلال قائمة التدفقات النقدية يمكننا معرفة إن كانت تلك الشركة قد حققت دخلا نقديا.
وتظهر قائمة التدفقات النقدية التغيرات على مدى فترة زمنية معينة وليست المبالغ النقدية بذاتها كما هي بتاريخ إعداد القوائم المالية. وتستخدم هذه القوائم والمعلومات الواردة في الميزانية العمومية وقائمة الدخل بعد إعادة تنظيمها وفق النسق المحدد لهذه القوائم.
والسطر النهائي من بنود قائمة التدقفات النقدية يبين صافي الزيادة أو النقص في النقدية للفترة المعنية. وبشكل عام، تنقسم قوائم التدفقات النقدية إلى ثلاثة أجزاء رئيسية. وكل جزء منها يكرس لمراجعة التدفقات النقدية من خلال نوع واحد من بين ثلاثة أنواع من الأنشطة، هي: (1) أنشطة التشغيل، (2) أنشطة الاستثمار، (3) أنشطة التمويل.
الجزء الأول من قائمة التدفقات النقدية وهو أنشطة التشغيل يتضمن تحليلا للتدفقات النقدية للشركة المتمثلة بصافي الدخل أو صافي الخسارة. ومعظم الشركات تقوم في هذا الجزء بتسوية صافي الدخل (كما هو مبين في قائمة الدخل) مع النقدية التي حصلت عليها الشركة بالفعل أو التي استخدمتها في أنشطة التشغيل. وللقيام بذلك، فإنها تخصم من بند صافي الدخل أية بنود غير نقدية (مثل مصاريف الاستهلاك) وأية بنود نقدية استخدمت أو تحققت من أية أصول أو خصوم تشغيل أخرى.
والجزء الثاني من قائمة التدفقات النقدية يعرض التدفقات النقدية من جميع أنشطة الاستثمار، التي تشمل بوجه عام المشتريات أو المبيعات من الأصول طويلة الأجل، مثل الممتلكات والأجهزة والمعدات وكذلك أسهم وسندات الاستثمار. ففي حال قيام شركة ما بشراء آلة من الآلات، فإن هذه العملية تظهر في قائمة التدفقات النقدية على أنها تدفق نقدي خارج من رصيد أنشطة الاستثمار لأنه تم استخدام النقد في إتمام عملية شراء تلك الآلة. وإذا قررت الشركة بيع بعض استثماراتها من إحدى محافظ الاستثمار، فإن الإيرادات المتحققة من عملية البيع ستظهر على شكل تدفق نقدي داخل لرصيد أنشطة الاستثمار لأن هذه العملية قد تمخضت عن تحقيق عائد نقدي.
ويظهر الجزء الثالث التدفقات النقدية المتحققة من جميع أنشطة التمويل. وتتضمن المصادر المعتادة للتدفقات النقدية من هذا النوع المبالغ النقدية المتحققة من بيع الأسهم والسندات أوالاقتراض من البنوك. وبالمثل، فإن تسديد قرض سبق الحصول عليه من البنك يظهر كبند من بنود استخدام التدفقات النقدية.
وإليك عزيزي القارئ بعضاً من التطبيقات المهمة لمصطلحات يكثر تداولها لكنها لا تظهر بذاتها في القوائم المالية. وربما سمعتم بعض الناس يرددونها وهي على سبيل المثال "مضاعف (مكرر) الربحية P/E” أو "نسبة الأصول المتداولة إلى الخصوم المتداولة أو "هامش (أرباح) التشغيل".
فما الذي تعنيه هذه المصطلحات؟ ولماذا لا تظهر كبنود قائمة بذاتها في القوائم المالية؟ فيما يلي شرح لبعض هذه النسب التي يقوم المستثمرون باستخراجها من واقع البيانات الواردة في القوائم المالية ويطبقونها في تقييم شركة ما. وكقاعدة عامة، فإن النسب المرغوب فيها تتباين من قطاع لآخر.
و من بين النسب التي ينبغي على المستثمر التركيز عليها نسبة الدين في الشركة حيث يعتبر الدين وسيلة من وسائل الحصول على التمويل اللازم للتوسع. ولكن خدمة الدين قد تستنزف بشكل كبير موارد السيولة النقدية اللازمة للتشغيل. وبشكل عام، فإنه كلما قلَ اعتماد شركة ما على القروض لتمويل أصولها كلما كانت هذه الشركة أقل تعرضا للمخاطر. وعليه، يحبذ الاستثمار في شركات تكون قليلة الديون والأفضل ألا تكون عليها أية ديون طويلة الأجل. فهذا قد يكون مؤشرا على كون الشركة في وضع جيد من حيث السيولة النقدية.
ويجب النظر إلى الدين الذي يكون على عاتق شركة ما في ضوء معدل الدين الذي تتحمله الشركات المماثلة العاملة في القطاع نفسه. فعليك تجنب الاستثمار في شركة تكون ديونها أعلى بكثير من معدل الدين للقطاع الذي تعمل فيه. كذلك، فإن العائد على حقوق المساهمين يتحسن بشكل ملموس عندما تكون الشركة غير مثقلة بدفعات الفوائد المترتبة على الديون طويلة الأجل.
و يمكن قياس الدين لشركة ما عن طريق حساب نسبة الدين إلى حقوق المساهمين Debt-to-Equity Ratio يمكن من خلالها مقارنة دين الإجمالي للشركة بحقوق المساهمين في هذه الشركة. وهذان البندان متوافران في الميزانية العمومية لأية شركة. ولاحتساب نسبة الدين إلى حقوق المساهمين، نقوم بقسمة إجمالي مطلوبات (خصوم) الشركة على المبلغ الذي يمثل حقوق المساهمين، كما هو مبين في المعادلة التالية:
نسبة الدين إلى حقوق المساهمين تساوي إجمالي المطلوبات (الخصوم) مقسوما على حقوق المساهمين. فإذا كانت نسبة الدين إلى حقوق المساهمين في شركة ما تساوي 2 إلى 1، فهذا يعني أن في ذمة الشركة ريالين من الدين مقابل كل ريال قام المساهمون باستثماره في رأسمال هذه الشركة. بمعنى آخر، فإن هذه الشركة تتحمل من الديون ما يعادل ضعف المبلغ المستثمر من قبل الملاك في رأسمالها.
وبعد ذلك يجب إمعان النظر في أرباح الشركة وتحليلها حيث ينبغي أن تظهر المكاسب أو الأرباح التي تحققها الشركة على فترات ربع سنوية قدرا معقولا من النمو مقارنة بنفس الفترة الربع السنوية من العام السابق. ويجب النظر بعين فاحصة لمصادفة تحقيق مكاسب أو أرباح غير اعتيادية عند النظر في بند المكاسب (الأرباح). ويفضل التركيز على الشركات التي تحقق نموا في أرباحها بنسبة 20 في المائة فأكثر سنويا.
و ينبغي أثناء القيام بتحليل أرباح شركة ما مقارنة صافي الربح المتحقق بالإيرادات. وهذان البندان (صافي الربح والإيرادات) هما من بنود قائمة الدخل التي سبق الإشارة إليها في حلقة سابقة. ولاحتساب هامش الربح، نقوم بقسمة دخل الشركة على إيراداتها، حسب المعادلة التالية:
هامش الربح تساوي صافي الدخل مقسوما على الإيرادات
وبعد احتساب هامش الربح، يجب إلقاء نظرة خاطفة على هامش التشغيل operating margin الذي يعبر عنه في العادة بنسبة مئوية. حيث يمكن معرفة نسبة الربح العائدة على كل ريال من المبيعات.
و يتعين على كل مستثمر التأكد بأن هامش ربح الشركة التي يستثمر فيها في ارتفاع دائم. فقدرة الشركة على زيادة مبيعاتها من دون زيادة في مصاريفها هي الصفة المميزة للشركة المليئة ماليا. وفي الظروف المعتادة، فإنه كلما زاد هامش الربح، كلما كنا أكثر اطمئنانا على استثماراتنا. فمن الطبيعي أن نرى أن الشركة التي تعمل على أساس تحقيق هامش ربح بنسبة 5 في المائة ستتكبد خسارة في حال انخفاض مبيعاتها بنسبة 5 في المائة.
ويجب ألا نغفل هنا مضاعف الربحية P/E ratio لما لهذه النسبة من أهمية خاصة حيث يتم من خلالها مقارنة سعر السهم العادي من أسهم شركة ما بالأرباح أو المكاسب التي يحققها هذا السهم. ولاحتساب مضاعف الربحية، نقوم بقسمة سعر سهم الشركة على أرباح السهم، كما هو موضح أدناه:
نسبة سعر السهم للربح تساوي سعر السهم مقسوما على أرباح السهم.
فإذا كان سعر سهم شركة ما يباع في السوق بمبلغ 200 ريال وكانت الشركة تحقق أرباحا بواقع عشرة ريالات للسهم الواحد، فإن نسبة سعر السهم للربح ستكون 20 إلى 1. وهذا يعني أن سهم تلك الشركة يباع بمبلغ يعادل 20 ضعف ما يحققه من أرباح.
وينبغي التركيز على أسهم الشركات التي تكون فيها نسبة العائد على حقوق المساهمين ROEما لا يقل عن 20 في المائة. و يمكن التوصل إلى هذه النسبة بقسمة صافي الدخل على إجمالي حقوق المساهمين. فهذه المعادلة البسيطة تقيس مقدار الربح الذي تحققه شركة ما إلى المبلغ الذي استثمره المساهمون في الشركة. فتحقيق نسبة عالية من العائد على حقوق المساهمين مقرونا بتكبد أقل قدر ممكن من الديون أو عدم وجود أية ديون يعتبر من الدلائل التي تؤكد على نجاح الشركة من الناحية المالية. وعليه، ينبغي الحذر من الشركات التي تعمد لزيادة نسبة العائد على حقوق المساهمين من خلال زيادة ديونها، حيث إن هذا التصرف يعتبر بمثابة نذير خطر red flag، مما يحملنا على صرف النظر عن شراء أسهم مثل هذه الشركات.
وللتحقق من قدرة الشركة على توفير سيولة كافية للوفاء بالتزاماتها قصيرة الأجل ينبغي فحص نسبة الأصول المتداولة إلى الخصوم المتداولة current ratio. ويتم احتساب هذه النسبة بقسمة الأصول المتداولة على الخصوم المتداولة. وتظهر هذه النسبة مدى استعداد الشركة للتعامل مع المواقف الصعبة في الشدائد. (ينبغي التركيز على الشركات التي تكون فيها نسبة الأصول المتداولة إلى الخصوم المتداولة ما لا يقل عن 2 إلى 1، والأفضل أن تكون أعلى من ذلك.) كما يمكن أن ينظر إلى هذه النسبة كمقياس لرأس المال العامل - الذي يمثل الفرق بين الأصول المتداولة والخصوم المتداولة. وبمعنى آخر، فإن:
رأس المال العامل يساوي الأصول المتداولة مخصوم منها الخصوم المتداولة
فالشركة التي يتوافر لها قدر كبير من رأس المال العامل تكون في وضع أفضل للتوسع وتحسين مستوى عملياتها. وعلى العكس من ذلك، فإن الشركة التي يكون رأسمالها العامل سالبا لا تكون لديها الموارد الكافية للوفاء بالتزاماتها الراهنة، وبالتالي فإنها لا تكون في موقف يمكنها من استغلال فرص النمو المتاحة.
ومن الأهمية بمكان أن نشير هنا إلى أنه من الضروري قراءة الإيضاحات للقوائم المالية.التي غالباً ما تكون مليئة بالمعلومات التي يحتاج إليها المستثمر. فإذا كانت القوائم المالية بمثابة القلب، فإن إيضاحات القوائم المالية تعتبر بمثابة الشرايين التي تبقي جميع الأجزاء متصلة ببعضها. فهذه الإيضاحات تكون عادة مليئة بالمعلومات التي يحتاج إليها المستثمر.فإن كنت ممن لا يقرأ هذه الإيضاحات فقد تفقد الشيء الكثير ، حيث إن بعض المعلومات المهمة التي يشار إليها في الإيضاحات لا يوجد لها أي ذكر في القوائم المالية.
خاتمة
رغم أن هذه الحلقات الثلاث قد تعرضت بالنقاش لكل قائمة من القوائم المالية على حدة، إلا أنه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه القوائم تكون مترابطة فيما بينها. فالتغييرات في الأصول والخصوم التي نشاهدها في الميزانية العمومية تظهر أيضا في بندي الإيرادات والمصروفات المدرجين في قائمة الدخل، واللذين تنتج عنهما الأرباح أو الخسائر التي تحققها الشركة. والتدفقات النقدية توفر مزيدا من المعلومات عن الأصول النقدية المدرجة في الميزانية العمومية وتكون على علاقة وثيقة بها رغم أنها ليست مماثلة لبند صافي الدخل الذي يظهر في قائمة الدخل، وهكذا.
والواقع أنه ليس هناك قائمة من القوائم المالية تستطيع إعطاء كامل المعلومات التي نبحث عنها. ولكن هذه القوائم مجتمعة يمكن أن توفر قدرا كبيرا من المعلومات المهمة للمستثمرين، لأن المعلومات هي أفضل وسيلة لتمكين المستثمرين من اتخاذ القرارات الحكيمة.
منقول للفائدة
ولكي لا تكون ضحية لأولئك الذي يحاولون بيعك ما بحوزتهم من أسهم، فإنه ينبغي عليك أن تعرف الأداة التي تمكنك من التعرف على المبادئ الأساسية لقراءة القوائم المالية. فعندما يرغب أي شخص في الاستثمار في نوعية جيدة من الأسهم، فعليه الإلمام بكيفية قراءة القوائم المالية للشركات واستخراج نسب التحليل المالي والاستفادة مما يتوصل إليه من نتائج في اتخاذ القرار المناسب للاستثمار في هذه الشركة أو تلك.
فالشركات التي تطرح أسهمها للتداول في السوق تصدر العديد من القوائم المالية كل عام وتنشر هذه القوائم للعموم وتكون في متناول الجمهور. ومن مزايا هذه القوائم أنها تقدم بيانات موضوعية ملموسة يمكن استخدامها في إجراء ما يلزم من تحليلات. كما أن بالإمكان استخراج العديد من المقاييس والتقديرات النافعة عن نتائج العمليات وذلك من واقع البيانات الواردة في تقارير القوائم المالية.
وسنتطرق من خلال الحلقات التالية بالشرح للموضوعات التالية:
- كيفية قراءة البيانات الواردة في القوائم المالية على الوجه الصحيح.
- أغراض وتنظيم قوائم المركز المالي (الميزانية العمومية) والدخل والتدفقات النقدية.
- كيفية إصدار الأحكام على القوائم المالية.
بالإمكان اتباع عدة وسائل في تقييم الأداء المالي لشركة ما. ومن بين هذه الوسائل نسب التحليل المالي ratio analysis . فمن خلال مقارنة الميزانيات العمومية وقوائم الدخل للشركات بين فترة وأخرى، بالإمكان التعرف على التغيرات والاتجاهات التي تنزع إليها الشركة. كما أن احتساب النسب من واقع القوائم المالية للفترة الحالية يعتبر من الأمور بالغة الفائدة، ولكن عندما يتم جمع بيانات التحليل المقارن بين فترة وأخرى نكون قد اتبعنا طريقة بالغة الكفاءة في قياس الأداء.
ومن المعروف أن هناك أربعة أنواع رئيسة من القوائم المالية وهي: الميزانية العمومية، وقائمة الدخل، وقائمة التدفقات النقدية، وقائمة حقوق المساهمين.
وتبين الميزانية العمومية ما تمتلكه الشركة من أصول (موجودات) وما يترتب عليها من التزامات أو مطلوبات في فترة زمنية معينة. بينما تبين قائمة الدخل ما حققته الشركة من دخل وما تكبدته من تدفقات نقدية خلال فترة زمنية معينة. وتظهر قائمة التدفقات النقدية عمليات التبادل النقدي التي تتم بين الشركة والعالم الخارجي خلال فترة معينة من الزمن. أما النوع الرابع والأخير من القوائم المالية والذي يعرف باسم قائمة حقوق المساهمين فتبين التغييرات التي تطرأ على حقوق ومصالح المساهمين في شركة ما على مدى فترة زمنية معينة.
وفي هذه الحلقات سنتناول هذه الأنواع الأربعة بشيء من التفصيل لأهميتها بالنسبة لكل مستثمر أو متعامل في سوق الأسهم. وسنبدأ في حلقتنا هذه بالنوع الأول وهو الميزانية العمومية.
تقدم الميزانية العمومية معلومات مفصلة عن الأصول (الموجودات) والخصوم (المطلوبات) وحقوق المساهمين لشركة من الشركات.
فعندما تقوم بالإطلاع على ميزانية عمومية، أمعن النظر في مستوى الدين. ثم تفحص بدقة نسبة السيولة السريعة Quick Ratio ونسبة الأصول المتداولة إلى الخصوم المتداولة Current Ratio ونسبة الدين طويل الأجل إلى حقوق المساهمين Long Term Debt/Equity وإجمالي الدين إلى حقوق المساهمين Total Debt/Equity. وعليك أن تقوم على الدوام بتفحص دقيق لأرقام بنود الميزانية العمومية لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات.
والمعادلة التالية تبين باختصار البنود التي تظهر في الميزانية العمومية:
الأصول = الخصوم + حقوق المساهمين
فأصول شركة ما يجب أن تكون مساوية لمجموع الخصوم وحقوق المساهمين فيها.
وتجهز الميزانية العمومية لأية شركة من الشركات وفق المعادلة المحاسبية الأساسية المبينة أعلاه. فعلى الجانب الأيمن من صفحة الميزانية العمومية تظهر بنود الأصول للشركة. وعلى الجانب الأيسر من الصفحة نفسها تظهر بنود المطلوبات وحقوق المساهمين. وفي العادة، تظهر الميزانيات العمومية بنود الأصول في أعلى القائمة تتبعها المطلوبات ثم حقوق المساهمين في نهاية القائمة.
فالأصول Assets هي الأشياء ذات القيمة التي تمتلكها شركة ما. وهذا يعني أن بنود الأصول تلك بالإمكان بيعها أو استعمالها من قبل الشركة إما في إعداد منتجات أو في تقديم خدمات يمكن بيعها. ويتضمن بند الأصول: الممتلكات المادية مثل المصانع والشاحنات والمعدات والمخزون السلعي. كما تتضمن أشياء أخرى غير ملموسة ولكنها موجودة وذات قيمة، مثل العلامات التجارية وبراءات الاختراع. كما أن البنود النقدية تعتبر أيضا من الأصول. وتدرج بنود الأصول وفق الأسبقية أو السرعة التي يمكن بها تحويلها إلى نقد. فالأصول المتداولة current assets تتمثل في الموجودات التي تتوقع الشركة تحويلها إلى نقد خلال سنة واحدة، مثال ذلك المخزون السلعي. فمعظم الشركات تتوقع بيع البضاعة المخزونة في مستودعاتها خلال سنة واحدة. أما الأصول غير المتداولة Non-current assets فهي بنود الموجودات التي لا تتوقع الشركة تحويلها إلى نقد خلال السنة نفسها بل التي قد تستغرق عملية بيعها أكثر من سنة واحدة.
ويشمل بند الأصول غير المتداولة الأصول الثابتة. وهي تلك الأصول التي تستخدم في تشغيل أنشطة العمل التي لا تكون معروضة للبيع، مثل المباني والشاحنات والأثاث المكتبي وغيرها من الممتلكات.
أما الخصوم أو المطلوبات Liabilities فهي المبالغ النقدية التي يطلب من الشركة سدادها للغير. وهذا البند يمكن أن يتضمن جميع أنواع الالتزامات، مثل الأموال المقترضة من البنوك للتطوير والمباشرة في تسويق صنف جديد من المنتجات أو الإيجار الذي يسدد مقابل استخدام المباني أو المبالغ المستحقة لموردي المواد أو الرواتب التي تلتزم الشركة بدفعها لموظفيها، أو تكاليف المحافظة على نظافة البيئة أو الضرائب التي تلتزم الشركة بسدادها للدولة. كما يتضمن بند الخصوم أو المطلوبات الالتزامات المترتبة على توفير السلع والخدمات للعملاء في المستقبل. وتظهر بنود الخصوم (المطلوبات) في الميزانية العمومية وفق تواريخ استحقاقها. والخصوم تكون إما متداولة أو طويلة الأجل (ثابتة). فالخصوم المتداولة هي عبارة عن التزامات تتوقع الشركة تسديدها خلال فترة سنة واحدة. أما الخصوم طويلة الأجل أو الثابتة فهي الالتزامات التي تستحق بعد أكثر من عام.
أما البند الأخير من بنود الميزانية فهو بند حقوق المساهمين Shareholders’ Equity– والتي يطلق عليه أحيانا اسم رأس المال capital أو القيمة الصافية net worth وهي عبارة عن المبلغ النقدي الذي يبقى بعد قيام الشركة ببيع جميع موجوداتها وتسديد جميع التزاماتها. وهو المبلغ الذي استثمره الملاك في أسهم الشركة مضافا إليه أو مطروحا منه الأرباح أو الخسائر التي حققتها الشركة منذ إنشائها. وهي الحصة التي يمتلكها المساهمون من أصول الشركة. وبمعنى آخر، هو المبلغ الذي تمول به الشركة عن طريق الأسهم. ويطلق عليه أيضا صافي الأملاك أو صافي الأصول.
وعليه، تظهر الميزانية العمومية بنظرة سريعة بنود الأصول والخصوم وحقوق المساهمين لأية شركة من الشركات كما هي في نهاية الفترة. ولكنها لا تظهر التدفقات flows الداخلة أو الخارجة من الحسابات أثناء الفترة كما هو الحال في قائمة التدفقات النقدية التي سنتعرض لها بشيء من التفصيل في إحدى الحلقات القادمة إن شاء الله.
عرفنا في الحلقة السابقة أن القوائم المالية التي تعلنها الشركات لتوضيح موقفها المالي في السوق تنقسم إلى أربعة أنواع وهي الميزانية العمومية، وقائمة الدخل، وقائمة التدفقات النقدية، وقائمة حقوق المساهمين.
وقد تحدثنا فيها عن الميزانية العمومية.. في هذه الحلقة سنتعرف على قائمة الدخل وتفاصيلها وكيف نقرأها؟ وما الذي تعنيه هذه التفاصيل ؟ وكيف يتم استقطاع الزكاة الشرعية بناء على هذه القائمة؟
تعتبر قائمة الدخل بمثابة تقرير يظهر مقدار الإيرادات التي حققتها شركة ما خلال فترة محددة (تكون في العادة سنة أو جزءا من السنة) كما تظهر قائمة الدخل التكاليف والمصروفات المترتبة على تحقيق تلك الإيرادات.
والبند الأخير من بنود قائمة الدخل يظهر صافي الأرباح أو الخسائر التي حققتها الشركة خلال الفترة. وهذا يعطي المستثمر فكرة عن مقدار ما حققته الشركة من مكاسب أو ما تكبدته من خسائر خلال الفترة.
كما تظهر قوائم الدخل مقدار الأرباح التي حققها كل سهم من أسهم الشركة المعنية. ويعرف هذا البند باسم "ربح السهم". وهذه العملية الحسابية تبين المبالغ التي يمكن للمساهمين الحصول عليها في حال قررت الشركة توزيع صافي أرباح الفترة. (علما بأن الشركات لا تقوم في العادة بتوزيع كامل أرباحها وإنما تقوم بإعادة استثمارها في أنشطة العمل).
ولكي نفهم الكيفية التي تعد بها قوائم الدخل، فمن المفيد تشبيه تسلسل بنودها بدرجات السلم. فتبدأ من الأعلى بالمبلغ الإجمالي للمبيعات المتحققة خلال الفترة المحاسبية. ثم تتحرك نزولا درجة واحدة في كل مرة.
ومع كل خطوة، تقوم بحسم تكاليف معينة أو مصروفات تشغيل مما يكون له صلة بالإيرادات المتحققة. وفي أسفل درجات هذا السلم، وبعد حسم جميع المصروفات، نعلم من واقع الرصيد المتبقي مقدار ما حققته الشركة بالفعل من ربح أو خسارة أثناء الفترة المحاسبية.
وفي معظم الأحيان يطلق الناس على ذلك عبارة النتيجة النهائية أو نتائج العمليات the bottom line.
ففي أعلى سطر من بنود قائمة الدخل يدون المبلغ الإجمالي المتحقق من مبيعات المنتجات أو الخدمات. ويطلق على هذا البند العلوي في العادة اسم "إجمالي الإيرادات أو المبيعات". ويوصف بالإجمالي لأن المصروفات لم تخصم منه بعد. وعليه، فإن الرقم الممثل لهذا البند ما زال إجماليا وليس صافيا.
والسطر التالي من بنود القائمة يمثل المبالغ النقدية التي لا تتوقع الشركة تحصيلها من بعض عمليات البيع. وقد يكون ذلك ناجما (على سبيل المثال) عن منح حسومات على بعض المبيعات أو عن رد بعض السلع المباعة.
وعندما تقوم بطرح المردودات والحسومات من إجمالي الإيرادات، فإنك تتوصل إلى المبلغ الذي يمثل صافي إيرادات الشركة. وقد وصف هذا البند بعبارة "صافي"، كما لو أن المبلغ الذي يصفى أو يبقى في شبكة بعد عملية الغربلة التي يتمخض عنها خصم المبالغ الممثلة للمردودات والحسومات.
وعند هبوط درجات هذا السلم من السطر الممثل لبند صافي الإيرادات، نجد أمامنا عدة سطور كل سطر منها يمثل أنواعا مختلفة من مصروفات التشغيل. ورغم أن بالإمكان عرض هذه البنود بطرق متعددة، إلا أن البند الذي يلي صافي الإيرادات يمثل في العادة تكاليف المبيعات. فهذا البند يمثل ذلك المبلغ من المال الذي أنفقته الشركة لإنتاج السلع أو الخدمات التي قامت ببيعها أثناء الفترة المحاسبية.
وعليه، ففي السطر التالي يتم طرح تكاليف المبيعات من صافي الإيرادات للتوصل إلى مجموع فرعي يطلق عليه عبارة "إجمالي الربح" gross profit أو يطلق عليه أحيانا عبارة "هامش الربح الإجمالي" gross margin. ويعتبر هذا المبلغ "إجماليا" لأن هناك مصروفات معينة لم تستنزل منه بعد.
والجزء التالي من القائمة يتعلق ببند مصروفات التشغيل operating expenses، فهناك مصروفات تشغيل تتعلق بدعم عمليات الشركة لفترة معلومة من الزمن، مثال ذلك، رواتب الموظفين الإداريين وتكاليف البحوث الخاصة بتطوير منتجات جديدة. ومن الأمثلة على ذلك أيضا مصاريف التسويق. ويراعى أن مصاريف التشغيل تختلف عن بند "تكاليف البيع" cost of sales التي سبق خصمها كما هو موضح أعلاه. فمصروفات التشغيل ليس لها صلة مباشرة بعمليات إنتاج السلع أو الخدمات الجاري بيعها.
كذلك يتم خصم بند "الاستهلاك" Depreciation من إجمالي الربح. فبند الاستهلاك يمثل قيمة ما يطرأ من تلف وضرر لبعض بنود الأصول، مثل الآلات والأدوات والأثاث نتيجة استعمالها على مدى فترة طويلة من الزمن. وتقوم الشركات في العادة بتوزيع تكلفة هذه الأصول على مدى فترات استعمالها. وهذه العملية التي يتم من خلالها توزيع تكاليف هذه البنود على مدى فترات زمنية معينة يطلق عليها اسم استهلاك depreciation أو إهلاك amortization. وعليه، يلاحظ أن التكلفة المحتسبة على استعمال هذه البنود من الأصول أثناء الفترة إنما تمثل جزءا صغيرا فقط من التكلفة الأصلية لهذه الأصول.
وبعد طرح جميع مصروفات التشغيل من إجمالي الربح، نتوصل إلى مجمل الربح أو أرباح التشغيل قبل الفوائد مصروفات ضريبة الدخل. وغالبا ما يشار إلى هذا البند باسم "الدخل من العمليات" أو "إيرادات التشغيل" income from operations.
وتتمثل الخطوة التالية من عملية إعداد قائمة الدخل في احتساب الدخل أو المصروفات المتعلقة بالفائدة. فدخل الفائدة عبارة عن المبالغ النقدية التي تحققها الشركات من الاحتفاظ بمبالغها النقدية في حسابات توفير أو في صناديق أسواق المال وما شابهها من الحسابات التي تدر لها فائدة. ومن ناحية ثانية، فإن مصروفات الفائدة تتمثل في الأموال التي تدفعها الشركات كفائدة على ما تقوم باقتراضه من أموال. فبعض قوائم الدخل تظهر الدخل من الفائدة أو مصروفات الفائدة كبندين منفصلين، بينما يقوم البعض الآخر من قوائم الدخل بدمج البندين معا. وبعد ذلك يضاف أو يطرح بند دخل ومصروفات الفائدة من بند مجمل الربح (أرباح التشغيل) للتوصل إلى مجمل الربح (أرباح التشغيل) قبل الزكاة الشرعية.
وأخيرا، يتم استقطاع الزكاة الشرعية للتوصل إلى السطر الأخير من بنود القائمة، وهو بند صافي الربح أو صافي الخسائر (ويطلق على بند صافي الربح أيضا اسم صافي الدخل أو المكاسب). فمن خلال هذا البند نعلم مقدار ما حققته الشركة بالفعل من أرباح أو ما تكبدته من خسائر أثناء الفترة المحاسبية موضوع البحث. ففي نهاية المطاف كل ما نريد أن نعرفه هو الإجابة عن السؤال التالي: هل حققت الشركة ربحا أم أنها تكبدت خسارة خلال الفترة؟
وأرباح الأسهم EPS من البنود التي تتضمنها معظم قوائم الدخل وهو بند يوضح المكاسب أو الأرباح التي حققها السهم الواحد من أسهمها. وهذه العملية الحسابية توضح لنا المبلغ النقدي الذي يمكن للمساهمين أو حاملي الأسهم الحصول عليه عن كل سهم يملكونه في الشركة في حال قيامها بتوزيع كامل مبلغ صافي الدخل المتحقق خلال الفترة المحاسبية المعنية.
ولاحتساب ربح السهم، فإننا نقوم بقسمة صافي الدخل على عدد الأسهم المتداولة من رأس المال المكتتب به للشركة outstanding shares.
وبالرغم من الأهمية الكبيرة لقائمة الدخل وما يمكن أن يستخلص منها من نتائج مفيدة يمكن استخدامها في تحديد القرار الاستثماري، إلا أنها لا توضح كيف ومتى حصلت التعاملات النقدية
وتوجهات السيولة في الشركة كما توضحه قائمة التدفقات النقدية موضوع الحلقة المقبلة.
تحدثنا في الحلقتين السابقتين عن نوعين من الأنواع الأربعة للقوائم المالية التي يجب على المتعامل في سوق الأسهم الإلمام بها ومعرفة كيفية قراءتها، وهما قائمة الميزانية العمومية، وقائمة الدخل.
في هذه الحلقة سنتعرف على النوع الثالث من هذه القوائم وهي قوائم التدفقات.
قوائم التدفقات النقدية Cash Flow Statements لشركة ما تتضمن بيانات التدفق النقدي الداخل إليها والخارج منها. ويعتبر هذا البند على قدر كبير من الأهمية لأن الشركة بحاجة لتوفر قدرا كافيا من السيولة النقدية لتتمكن من تسديد مصاريفها وشراء ما يلزمها من أصول.
ففي الوقت الذي يمكننا من خلال قائمة الدخل التعرف عما إذا كانت شركة ما تحقق ربحا من عدمه، فإنه من خلال قائمة التدفقات النقدية يمكننا معرفة إن كانت تلك الشركة قد حققت دخلا نقديا.
وتظهر قائمة التدفقات النقدية التغيرات على مدى فترة زمنية معينة وليست المبالغ النقدية بذاتها كما هي بتاريخ إعداد القوائم المالية. وتستخدم هذه القوائم والمعلومات الواردة في الميزانية العمومية وقائمة الدخل بعد إعادة تنظيمها وفق النسق المحدد لهذه القوائم.
والسطر النهائي من بنود قائمة التدقفات النقدية يبين صافي الزيادة أو النقص في النقدية للفترة المعنية. وبشكل عام، تنقسم قوائم التدفقات النقدية إلى ثلاثة أجزاء رئيسية. وكل جزء منها يكرس لمراجعة التدفقات النقدية من خلال نوع واحد من بين ثلاثة أنواع من الأنشطة، هي: (1) أنشطة التشغيل، (2) أنشطة الاستثمار، (3) أنشطة التمويل.
الجزء الأول من قائمة التدفقات النقدية وهو أنشطة التشغيل يتضمن تحليلا للتدفقات النقدية للشركة المتمثلة بصافي الدخل أو صافي الخسارة. ومعظم الشركات تقوم في هذا الجزء بتسوية صافي الدخل (كما هو مبين في قائمة الدخل) مع النقدية التي حصلت عليها الشركة بالفعل أو التي استخدمتها في أنشطة التشغيل. وللقيام بذلك، فإنها تخصم من بند صافي الدخل أية بنود غير نقدية (مثل مصاريف الاستهلاك) وأية بنود نقدية استخدمت أو تحققت من أية أصول أو خصوم تشغيل أخرى.
والجزء الثاني من قائمة التدفقات النقدية يعرض التدفقات النقدية من جميع أنشطة الاستثمار، التي تشمل بوجه عام المشتريات أو المبيعات من الأصول طويلة الأجل، مثل الممتلكات والأجهزة والمعدات وكذلك أسهم وسندات الاستثمار. ففي حال قيام شركة ما بشراء آلة من الآلات، فإن هذه العملية تظهر في قائمة التدفقات النقدية على أنها تدفق نقدي خارج من رصيد أنشطة الاستثمار لأنه تم استخدام النقد في إتمام عملية شراء تلك الآلة. وإذا قررت الشركة بيع بعض استثماراتها من إحدى محافظ الاستثمار، فإن الإيرادات المتحققة من عملية البيع ستظهر على شكل تدفق نقدي داخل لرصيد أنشطة الاستثمار لأن هذه العملية قد تمخضت عن تحقيق عائد نقدي.
ويظهر الجزء الثالث التدفقات النقدية المتحققة من جميع أنشطة التمويل. وتتضمن المصادر المعتادة للتدفقات النقدية من هذا النوع المبالغ النقدية المتحققة من بيع الأسهم والسندات أوالاقتراض من البنوك. وبالمثل، فإن تسديد قرض سبق الحصول عليه من البنك يظهر كبند من بنود استخدام التدفقات النقدية.
وإليك عزيزي القارئ بعضاً من التطبيقات المهمة لمصطلحات يكثر تداولها لكنها لا تظهر بذاتها في القوائم المالية. وربما سمعتم بعض الناس يرددونها وهي على سبيل المثال "مضاعف (مكرر) الربحية P/E” أو "نسبة الأصول المتداولة إلى الخصوم المتداولة أو "هامش (أرباح) التشغيل".
فما الذي تعنيه هذه المصطلحات؟ ولماذا لا تظهر كبنود قائمة بذاتها في القوائم المالية؟ فيما يلي شرح لبعض هذه النسب التي يقوم المستثمرون باستخراجها من واقع البيانات الواردة في القوائم المالية ويطبقونها في تقييم شركة ما. وكقاعدة عامة، فإن النسب المرغوب فيها تتباين من قطاع لآخر.
و من بين النسب التي ينبغي على المستثمر التركيز عليها نسبة الدين في الشركة حيث يعتبر الدين وسيلة من وسائل الحصول على التمويل اللازم للتوسع. ولكن خدمة الدين قد تستنزف بشكل كبير موارد السيولة النقدية اللازمة للتشغيل. وبشكل عام، فإنه كلما قلَ اعتماد شركة ما على القروض لتمويل أصولها كلما كانت هذه الشركة أقل تعرضا للمخاطر. وعليه، يحبذ الاستثمار في شركات تكون قليلة الديون والأفضل ألا تكون عليها أية ديون طويلة الأجل. فهذا قد يكون مؤشرا على كون الشركة في وضع جيد من حيث السيولة النقدية.
ويجب النظر إلى الدين الذي يكون على عاتق شركة ما في ضوء معدل الدين الذي تتحمله الشركات المماثلة العاملة في القطاع نفسه. فعليك تجنب الاستثمار في شركة تكون ديونها أعلى بكثير من معدل الدين للقطاع الذي تعمل فيه. كذلك، فإن العائد على حقوق المساهمين يتحسن بشكل ملموس عندما تكون الشركة غير مثقلة بدفعات الفوائد المترتبة على الديون طويلة الأجل.
و يمكن قياس الدين لشركة ما عن طريق حساب نسبة الدين إلى حقوق المساهمين Debt-to-Equity Ratio يمكن من خلالها مقارنة دين الإجمالي للشركة بحقوق المساهمين في هذه الشركة. وهذان البندان متوافران في الميزانية العمومية لأية شركة. ولاحتساب نسبة الدين إلى حقوق المساهمين، نقوم بقسمة إجمالي مطلوبات (خصوم) الشركة على المبلغ الذي يمثل حقوق المساهمين، كما هو مبين في المعادلة التالية:
نسبة الدين إلى حقوق المساهمين تساوي إجمالي المطلوبات (الخصوم) مقسوما على حقوق المساهمين. فإذا كانت نسبة الدين إلى حقوق المساهمين في شركة ما تساوي 2 إلى 1، فهذا يعني أن في ذمة الشركة ريالين من الدين مقابل كل ريال قام المساهمون باستثماره في رأسمال هذه الشركة. بمعنى آخر، فإن هذه الشركة تتحمل من الديون ما يعادل ضعف المبلغ المستثمر من قبل الملاك في رأسمالها.
وبعد ذلك يجب إمعان النظر في أرباح الشركة وتحليلها حيث ينبغي أن تظهر المكاسب أو الأرباح التي تحققها الشركة على فترات ربع سنوية قدرا معقولا من النمو مقارنة بنفس الفترة الربع السنوية من العام السابق. ويجب النظر بعين فاحصة لمصادفة تحقيق مكاسب أو أرباح غير اعتيادية عند النظر في بند المكاسب (الأرباح). ويفضل التركيز على الشركات التي تحقق نموا في أرباحها بنسبة 20 في المائة فأكثر سنويا.
و ينبغي أثناء القيام بتحليل أرباح شركة ما مقارنة صافي الربح المتحقق بالإيرادات. وهذان البندان (صافي الربح والإيرادات) هما من بنود قائمة الدخل التي سبق الإشارة إليها في حلقة سابقة. ولاحتساب هامش الربح، نقوم بقسمة دخل الشركة على إيراداتها، حسب المعادلة التالية:
هامش الربح تساوي صافي الدخل مقسوما على الإيرادات
وبعد احتساب هامش الربح، يجب إلقاء نظرة خاطفة على هامش التشغيل operating margin الذي يعبر عنه في العادة بنسبة مئوية. حيث يمكن معرفة نسبة الربح العائدة على كل ريال من المبيعات.
و يتعين على كل مستثمر التأكد بأن هامش ربح الشركة التي يستثمر فيها في ارتفاع دائم. فقدرة الشركة على زيادة مبيعاتها من دون زيادة في مصاريفها هي الصفة المميزة للشركة المليئة ماليا. وفي الظروف المعتادة، فإنه كلما زاد هامش الربح، كلما كنا أكثر اطمئنانا على استثماراتنا. فمن الطبيعي أن نرى أن الشركة التي تعمل على أساس تحقيق هامش ربح بنسبة 5 في المائة ستتكبد خسارة في حال انخفاض مبيعاتها بنسبة 5 في المائة.
ويجب ألا نغفل هنا مضاعف الربحية P/E ratio لما لهذه النسبة من أهمية خاصة حيث يتم من خلالها مقارنة سعر السهم العادي من أسهم شركة ما بالأرباح أو المكاسب التي يحققها هذا السهم. ولاحتساب مضاعف الربحية، نقوم بقسمة سعر سهم الشركة على أرباح السهم، كما هو موضح أدناه:
نسبة سعر السهم للربح تساوي سعر السهم مقسوما على أرباح السهم.
فإذا كان سعر سهم شركة ما يباع في السوق بمبلغ 200 ريال وكانت الشركة تحقق أرباحا بواقع عشرة ريالات للسهم الواحد، فإن نسبة سعر السهم للربح ستكون 20 إلى 1. وهذا يعني أن سهم تلك الشركة يباع بمبلغ يعادل 20 ضعف ما يحققه من أرباح.
وينبغي التركيز على أسهم الشركات التي تكون فيها نسبة العائد على حقوق المساهمين ROEما لا يقل عن 20 في المائة. و يمكن التوصل إلى هذه النسبة بقسمة صافي الدخل على إجمالي حقوق المساهمين. فهذه المعادلة البسيطة تقيس مقدار الربح الذي تحققه شركة ما إلى المبلغ الذي استثمره المساهمون في الشركة. فتحقيق نسبة عالية من العائد على حقوق المساهمين مقرونا بتكبد أقل قدر ممكن من الديون أو عدم وجود أية ديون يعتبر من الدلائل التي تؤكد على نجاح الشركة من الناحية المالية. وعليه، ينبغي الحذر من الشركات التي تعمد لزيادة نسبة العائد على حقوق المساهمين من خلال زيادة ديونها، حيث إن هذا التصرف يعتبر بمثابة نذير خطر red flag، مما يحملنا على صرف النظر عن شراء أسهم مثل هذه الشركات.
وللتحقق من قدرة الشركة على توفير سيولة كافية للوفاء بالتزاماتها قصيرة الأجل ينبغي فحص نسبة الأصول المتداولة إلى الخصوم المتداولة current ratio. ويتم احتساب هذه النسبة بقسمة الأصول المتداولة على الخصوم المتداولة. وتظهر هذه النسبة مدى استعداد الشركة للتعامل مع المواقف الصعبة في الشدائد. (ينبغي التركيز على الشركات التي تكون فيها نسبة الأصول المتداولة إلى الخصوم المتداولة ما لا يقل عن 2 إلى 1، والأفضل أن تكون أعلى من ذلك.) كما يمكن أن ينظر إلى هذه النسبة كمقياس لرأس المال العامل - الذي يمثل الفرق بين الأصول المتداولة والخصوم المتداولة. وبمعنى آخر، فإن:
رأس المال العامل يساوي الأصول المتداولة مخصوم منها الخصوم المتداولة
فالشركة التي يتوافر لها قدر كبير من رأس المال العامل تكون في وضع أفضل للتوسع وتحسين مستوى عملياتها. وعلى العكس من ذلك، فإن الشركة التي يكون رأسمالها العامل سالبا لا تكون لديها الموارد الكافية للوفاء بالتزاماتها الراهنة، وبالتالي فإنها لا تكون في موقف يمكنها من استغلال فرص النمو المتاحة.
ومن الأهمية بمكان أن نشير هنا إلى أنه من الضروري قراءة الإيضاحات للقوائم المالية.التي غالباً ما تكون مليئة بالمعلومات التي يحتاج إليها المستثمر. فإذا كانت القوائم المالية بمثابة القلب، فإن إيضاحات القوائم المالية تعتبر بمثابة الشرايين التي تبقي جميع الأجزاء متصلة ببعضها. فهذه الإيضاحات تكون عادة مليئة بالمعلومات التي يحتاج إليها المستثمر.فإن كنت ممن لا يقرأ هذه الإيضاحات فقد تفقد الشيء الكثير ، حيث إن بعض المعلومات المهمة التي يشار إليها في الإيضاحات لا يوجد لها أي ذكر في القوائم المالية.
خاتمة
رغم أن هذه الحلقات الثلاث قد تعرضت بالنقاش لكل قائمة من القوائم المالية على حدة، إلا أنه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه القوائم تكون مترابطة فيما بينها. فالتغييرات في الأصول والخصوم التي نشاهدها في الميزانية العمومية تظهر أيضا في بندي الإيرادات والمصروفات المدرجين في قائمة الدخل، واللذين تنتج عنهما الأرباح أو الخسائر التي تحققها الشركة. والتدفقات النقدية توفر مزيدا من المعلومات عن الأصول النقدية المدرجة في الميزانية العمومية وتكون على علاقة وثيقة بها رغم أنها ليست مماثلة لبند صافي الدخل الذي يظهر في قائمة الدخل، وهكذا.
والواقع أنه ليس هناك قائمة من القوائم المالية تستطيع إعطاء كامل المعلومات التي نبحث عنها. ولكن هذه القوائم مجتمعة يمكن أن توفر قدرا كبيرا من المعلومات المهمة للمستثمرين، لأن المعلومات هي أفضل وسيلة لتمكين المستثمرين من اتخاذ القرارات الحكيمة.
منقول للفائدة
0 التعليقات :
إرسال تعليق