تابع جديد المدونة عبر:

السّوق الكفؤ والكيفية الّتي تتحقق بها الكفاءة للسوق

كفاءة سوق رأس المال :

       أثارت فكرة كفاءة السوق جدلا كبيرا بين المهتمين بتلك الأسواق ، فما المقصود بالسوق الكفؤ ؟

وما هي شروط تحقق كفاءته ؟

أ- مفهوم السوق الكفؤ :

       في السوق الكفؤ يعكس سعر السهم الذي تصدره منشأة ما كافة المعلومات المتاحة عنها ، سواء تمثّلت تلك المعلومات في القوائم المالية أو في معلومات تبثها وسائل الإعلام ، أو في السجل التاريخي لسعر السهم في الأيام والأسابيع والسنوات الماضية ، أو في تحليلات أو تقارير عن آثار الحالة الاقتصادية العامة عن أداء المنشأة ، أو غير ذلك من المعلومات الّتي تؤثر على القيمة السوقية للسهم. وإذا كان الأمر كذلك فإنّه يمكن الادعاء بأنّه في ظلّ تكون السّوق الكفؤ القيمة السوقية للسهم قيمة عادلة تعكس تماماً قيمته الحقيقية ، والّتي يتولّد عنها عائد يكفي لتعويض المستثمر عمّا ينطوي عليه الاستثمار من مخاطر.

ب- الكيفية الّتي تتحقق بها الكفاءة للسوق :

       إنّ المستثمرين في سوق المال يسعون إلى تحقيق أقصى منفعة ممكنة لذلك فهم يتنافسون فيما بينهم لتعظيم الأرباح الّتي يحققونها من وراء الصفقات الّتي يبرمونها ، لكن وفي ظلّ السوق الكفؤ وحتى يجني المستثمر أعظم ربح بالمقارنة مع باقي المستثمرين لا سبيل أمامه سوى الانفراد بميزة الحصول على المعلومات قبل غيره من المستثمرين حتّى يمكن له اكتشاف ما إذا كانت القيمة السوقية الحالية للسهم – في ظل المعلومات الجديدة الّتي وردت إليه – أعلى أو أقلّ من قيمته الحقيقية بما يمكنه من اتخاذ القرار الاستثماري الصحيح قبل أقرانه.

       لكن هل يمكن أن يتحقّق ذلك لأيّ من المستثمرين ؟

       في ظل السوق الكفؤ لا يوجد فاصل زمني بين تحليل المعلومات والوصول إلى نتائج محددة بشأن القيمة الحقيقية للسهم ، كما لا يوجد فاصل زمني بين الوصول إلى تلك النتائج وحصول كافة المستثمرين عليها ، فالمعلومات عن وجود فرق بين القسمة السوقية الحالية للسهم وبين قيمته الحقيقية نتيجة لورود المعلومات الجديدة سيتمّ تحليلها بسرعة لتصل إلى الجميع في نفس الوقت ، ممّا يترتّب عليه حدوث تغيير فوري في القيمة الإسمية للسهم لكي تعكس قيمته الحقيقية دون أن يتاح لأيّ مستثمر ميزة السبق الّتي من شأنها أن تتيح له فرصة تحقيق أرباح غير عادية على حساب الآخرين ، حتّى وإن حدث وأن حقّق بعض المستثمرين أرباحا غير عادية على حساب غيرهم فإنّ ذلك يرجع للصدفة والصدفة فقط. إذ لا يمكن لأحد في ظلّ السوق الكفؤ أن يتنبّأ بالظروف الّتي يمكن في ظلّها أن يحقّق مثل هذه الأرباح دون أن يكون هناك فرصة مماثلة ومتاحة للآخرين.

ب1- : الفرق بين الكفاءة الكاملة والكفاءة الاقتصادية :

       على ضوء التحليل السابق يمكن القول بأنّ السوق الكفؤ هو ذلك السوق الذي لا يوجد فيه فاصل زمني بين تحليل المعلومات الجديدة الواردة للسوق وبين الوصول إلى نتائج محدّدة بشأن سعر السهم وهو ما يضمن تغيير فوري في السعر بما يعكس ما تمثّله تلك المعلومات من أنباء سارة أو غير سارة ، وهذا يعني أنّه لا يوجد فاصل زمني بين حصول مستثمر وآخر على تلك المعلومات ، ومن ثمّ لن تتاح لأيّ منهم فرصة لا تتاح لغيره ، هذا المفهوم لكفاءة السوق يطلق عليه بالكفاءة الكاملة والّتي تقتضي توافر شروط السوق الكاملة المتمثلة في :

-1 إتاحة المعلومات عن السوق للجميع في ذات اللحظة وبدون تكاليف.

-2 عدم وجود قيود على التعامل ( تكاليف المعاملات ، ضرائب...الخ ) ، مع تمكين المستثمر من شراء أي كمية من الأسهم مهما صغر حجمها وذلك بيسر وسهولة ، وانعدام القيود التشريعية للدخول والخروج من السوق وذلك بالنسبة للمستثمرين أو المنشآت الراغبة في الحصول على الأموال ، كما لا توجد قيود من أيّ نوع آخر.

-3 قبول المستثمرين للأسعار المعلنة على أنّها قضية مسلم بها.

-4 اتّصاف المستثمرين بالترشد ، فهم يسعون إلى تعظيم المنفعة الّتي يحصلون عليها من وراء استغلال ثرواتهم.

       بعد استعراض شروط السوق الكامل نلاحظ أنّ فكرة الكفاءة الكاملة لا يمكن أن تتوافر في سوق رأس المال أو أي أسواق أخرى ، هذا ما يدفعنا إلى الانتقال من مفهوم الكفاءة الكاملة إلى مفهوم الكفاءة الاقتصادية.

* الكفاءة الاقتصادية للسوق :

       في ظل الكفاءة الاقتصادية للسوق يتوقع أن يمضي بعض الوقت منذ وصول المعلومات إلى السوق وحتى تنعكس آثار هذه المعلومات على أسعار الأسهم ، وهو ما يعني أنّ القيمة السوقية لسهم ما قد تكون أعلى أو أقلّ من قيمته الحقيقية لبعض الوقت على الأقلّ.

ب2- : متطلبات كفاءة السوق :

       حتّى يحقق سوق رأس المال هدفه المنشود والمتمثل في التخصيص الأمثل للموارد المالية المتاحة ، ينبغي أن يتوافر فيه سمتين أساسيتين هما :

ب--1-2 كفاءة التسعير : ويطلق عليها بالكفاءة الخارجية يقصد بها أنّ المعلومات الجديدة تصل إلى المتعاملين في السوق بسرعة – دون فاصل زمني كبير – ممّا يجعل أسعار الأسهم مرآة تعكس كافة المعلومات المتاحة ، وذلك دون أن يتكبّد المتعاملون تكاليف باهضة ممّا يعني إتاحة الفرصة للجميع.

ب--2-2 كفاءة التشغيل : ويطلق عليها بالكفاءة الداخلية ، ويقصد بها قدرة السوق على خلق التوازن بين العرض والطلب ، دون أن يتكبّد المتعاملون فيه تكلفة عالية للسمسرة ، ودون أنّ يتاح للتجار والمتخصصين أي صناع السوق فرصة لتحقيق مدى أو هامش ربح مغال فيه ، وكما يبدو فإنّ كفاءة التسعير تعتمد إلى حدّ كبير على كفاءة التشغيل.

الخاتمة

في ظلّ فرضية السوق الكفؤ يفترض توافر المعلومات لكلّ المتعاملين الاقتصاديين ، هذا ما يقلّص من مشاكل عدم تماثل المعلومات.

اتمنى للجميع التوفيق

0 التعليقات :

إرسال تعليق