استغلال ثقة المستثمرين في البورصة
من المتعارف عليه بموجب قوانين البورصات أنه لا يجوز إلا للشركات المرخصة أن تمارس العمل كوسيط في البورصة فيما بين البائع والشاري للأسهم المتداولة فيها ولهذا فجميع البورصات قد اشترطت أن لا تتم أية صفقات بيع أو شراء إلا من خلال شركات الوساطة التي يشترط القانون أن تكون مؤهلة وعلى دراية كافية للقيام بعملها خير قيام.
وبطبيعة الحال تقوم شركات الوساطة بممارسة مهنة الوساطة في الأسواق المالية مقابل أن تأخذ نسبة محددة بموجب القانون من الصفقات التي تعقدها لصالح عملائها لقاء خدماتها في تنفيذ أوامر البائعين والمشترين وتأمين عمليات البيع أو الشراء بحسب الأصول القانونية وتسجيل هذه العمليات وإحضار شهادات الأسهم والتأكد بأن كل شيء قد تم وفق القانون .
والى جانب خبرة ودراية شركات الوساطة وجملة الخدمات المتميزة التي تقدمها لعملائها فإن عنصر الثقة يلعب دورا مهما في أن المستثمر يتجه لطلب مجموعة الخدمات والنصائح والإرشادات التي تقدمها له وإلا بكل بساطة سيتجه إلى أخرى وبالتالي فإن عنصر الثقة عنصر مهم وعلاقة إيجابية فيما بين المستثمر وما بين شركة الوساطة فهناك الكثير من شركات الوساطة تعطي هذه المسألة جل اهتمامها ورعايتها لأنها ببساطة تعي أن مسألة الثقة تعكس أيضا جانبا من الأمانة والحفاظ على سرية التعاملات وعلى المحافظة على الأموال المستثمرة بل وتنميتها والسعي الدؤوب من أجل تجنب تعريض المستثمر إلى أي خسائر إلا ما كان يصعب التنبؤ به.
ولكن هناك البعض والذي يقوم باستغلال ثقة عملائه فيقوم بعمليات بيع وشراء متكررة لنفس العميل عن قصد لتحقيق أعلى نسبة من العوائد لشركته من نسبة العمولة التي يتقاضاها على الصفقات التي يبرمها والتي تزداد كلما قام بإجراء عمليات بيع وشراء أكثر ضاربا عرض الحائط بمصلحة عملائه وبعدها يقوم بتقديم التبريرات الكثيرة لعملائه عما قد يكون لحق بهم من خسائر من جراء تصرفاته المخالفة للأصول ولقواعد الأمانة والثقة.
والبعض الآخر قد يعمل عن قصد بنشر الشائعات والأخبار تجاه أسهم شركة أو شركات معينة بهدف أن يجد له فرصة في إقناع بعض من عملائه لأن يتخلصوا من أسهم شركة معينة أو من أجل أن يشتروا أسهم شركة معينة وكل هذا بهدف وحيد هو أن يعمل على إتمام الصفقات بهدف الحصول على إيرادات أعلى لشركته بغض النظر عما قد يلحق بالمستثمر صاحب الأموال من خسائر.
ومن أجل سرعة تنفيذ الصفقات عند عمليات الشراء أو البيع فإن بعض شركات الوساطة تعمل على أن تأخذ تفويضات من عملائها وبناء عليها تقوم شركات الوساطة بتنفيذها عندما تشعر بأن هناك فرصة مناسبة للبيع أو الشراء لصالح عملائها وهنا تلعب مسألة الثقة والأمانة دورا مهما وحيويا في أن تعمل شركات الوساطة وفق الأصول وبأن يبقى هدفها دوما مصلحة عملائها بحيث تعمل على الشراء في الوقت والسعر والسهم الجيد وأن تبيع في اللحظة المناسبة من حيث الوقت والسعر وبحيث دائما تراعي مصلحة وحق المستثمر في أن يحقق العائد المناسب وفي حماية حقوقه وهذا ما تعمل عليه الشركات ذات السمعة والخبرة والدراية الطيبة والتي تضع مصلحة المستثمر أولا وأخيرا وتجعل من ثقته بها مسألة لا تجاريها أية مصلحة.
إن استغلال ثقة العملاء لمصالح خاصة وضيقة هي من التصرفات المرفوضة في كل الأسواق المالية وإذا ما أثبتت فإن القانون يلاحقها وأكثر من ذلك أنه ومع الوقت سيكتشف المستثمرون أولئك المستغلين ويبتعدون عنهم شيئا فشيئا وسيكون الفشل من نصيبهم وأما أولئك الذين يعملون على حماية ثقة عملائهم ويعملون لصالح تنميتها وتعزيزها فإنهم يكسبون ثقة عملائهم لأن يستمروا ويتواصلوا معهم وبأن تزداد أعمالهم الصالحة وبذلك تزداد عوائدهم وإيراداتهم ولكن بطريقة قانونية وأخلاقية.
*الاسواق العربية
الكاتب سعيد خليل العبسي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
0 التعليقات :
إرسال تعليق