بقلم - د. همام الشماع
بعد أن أظهرت بيانات حديثة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أن ثروة الأسر الأمريكية زادت بواقع 2 .1 تريليون دولار لتصبح 9 .54 تريليون دولار، تحسن أداء الاقتصاد الأمريكي في الربع الثالث وفقا لمؤشرات مبيعات التجزئة وأسعار المنتجين . وكانت ثروات الأسر قد تراجعت في الربع الثاني بنحو 5 .1 تريليون دولار بفعل انخفاض مؤشرات الأسهم .
وكانت مؤشرات الأسواق الأمريكية قد ارتفعت بنحو 11 في المئة بعد هبوط 12 في المئة في الربع الثاني . وكنتيجة لهذا الارتفاع في الثروة فقد ارتفعت كل من مبيعات التجزئة وأسعار المنتجين بتأثير من الأثر النفسي الذي يخلقه الشعور بالإثراء . ارتفاع الأسعار وإن كان طفيفا يخالف الوضع السائد في الربع الثاني من العام عندما لم يكن للتضخم مكان في الاقتصاد الأمريكي، وعندما كانت العديد من العوائق تقف أمام الاقتصاد لتحد من ارتفاع الأسعار بصورة تثير القلق من تشكل مخاطر تضخمية واضحة، بل على العكس فإن القلق من مخاطر الانكماش التضخمي، كان هو السائد، الأمر الذي جعل الفيدرالي يقدم على إطلاق برنامج تحفيزي ثانٍ للتخفيف الكمي، وذلك لدعم الاقتصاد عبر ثلاث آليات هي:-
أولا: التأثير غير المباشر في أسواق الأسهم بهدف رفع مستوى الشعور بالإثراء وبالتالي زيادة الانفاق من خلال دفع المستثمرين المؤسساتيين للدخول للأسواق هربا من مخاطر التوظيف في الإقراض التقليدي التي لا تزال ماثلة أمام المصارف الأمريكية، وكذلك دفع المصارف لشراء الأسهم بعد أن أفرغ الفيدرالي محافظها الاستثمارية من هذه السندات في إطار التخفيف الكمي .
كما ان التأثير في أسواق الأسهم يتم أيضا من خلال دفع المستثمرين الأفراد والمؤسسات للدخول للأسواق من خلال الهرب من الدولار المرشح للتراجع بسبب التخفيف الكمي .
ثانياً: التأثير المباشر في الاقتصاد عبر وضع أداة فاعلة تحت تصرف الإدارة الاقتصادية لخوض حرب تجارية مع الصين والدول التي تنافس صادرات الولايات المتحدة والسلع المحلية في السوق الأمريكية وبما يؤدي إلى تحسن الطلب على السلع والخدمات الأمريكية . وهو ما يمكن اعتباره من الأسباب التي دفعت رئيس الفيدرالي للإعلان عن الحاجة لجولة ثالثة من التخفيف الكمي .
ثالثا: التأثير في أسعار الفائدة السائدة من خلال شراء سندات الخزينة من المصارف وبما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها وانخفاض عائدها ما يؤثر في أسعار الفائدة بين المصارف وفوائد الإقراض . وفي الأسبوع الماضي وبسبب ارتفاع الدولار الناجم عن تراجع اليورو ارتفع عائد السندات ما أثار القلق حول قضية تكلفة الاقتراض المرتفعة التي قد تخنق الانتعاش الاقتصادي .
وجاء ارتفاع الأسواق الأمريكية الذي يتواصل منذ أن أعلن الفيدرالي بالعودة القوية لسياسات التخفيف الكمي والذي بلغ 12 .14% منذ نهاية أغسطس/ آب الماضي، على الرغم من البيانات الاقتصادية الضعيفة المتعلقة بالأشهر القليلة الماضية وخصوصا بيانات قطاع المنازل . هذا التناقض بين الأداء الاقتصادي السيئ وبين أداء أسواق الأسهم الجيد جدا، يثير التساؤل حول الأسباب التي تدفع أسواق المال لمخالفة اتجاه الاقتصاد الحقيقي كما يثير التساؤل فيما إذا كان هذا التناقض هو بفعل متعمد ومقصود ومرغوب فيه لتحقيق أهداف مرسومة تتعلق بتسريع خروج الاقتصاد من حالة تباطؤ النمو .
تحسن هذا الأداء يتم في ظل ظروف اقتصادية أقل ما يمكن أن يقال بشأنها إنها غير مناسبة لمثل هذا الأداء الممتاز لأسواق الأسهم حيث لا يزال الفيدرالي يؤكد استمرار العقبات التي تقف أمام الاقتصاد الأمريكي وأمام تقدمه، متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني ومعدلات البطالة المرتفعة وضعف قطاع المنازل و ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري ما يدل على أن التعافي يسير بوتيرة معتدلة أو بالأحرى يواجه العقبات . ارتفاع الأسواق الأمريكية الذي يتواصل على الرغم من ذلك يثير التساؤل حول الأسباب التي تدفع أسواق المال لمخالفة اتجاه الاقتصاد الحقيقي .
إننا نعتقد، وهو ما كنا قد أشرنا إليه سابقا، أن السياسات الاقتصادية الأمريكية قد اختارت العديد من المسارات لدعم الاقتصاد منها ومن أهمها تحسين قيمة الأصول المالية (الأسهم) كوسيلة مكملة لتحفيز الإنفاق الذي يشكل 70% من الاقتصاد . إلى جانب تحفيز الصادرات وزيادة الطلب على السلع الأمريكية في السوق المحلية وذلك من خلال التخفيف الكمي .
إن اختيار أسواق الأسهم من قبل صناع السياسة الاقتصادية كوسيلة محفزة لزيادة الإنفاق، لا يعني أن السلطات الاقتصادية قد تدخلت بصورة مباشرة لرفع الأسواق بل يعني أن الأموال التي تم ضخها لدعم النظام المالي عبر سياسات التخفيف الكمي المتلاحقة والمتمثلة بشراء سندات الخزينة الأمريكية من المصارف، وظفت واستخدمت من قبل المصارف في أسواق الأسهم خصوصا أن مخاطر التوظيف في الإقراض التقليدي لا تزال ماثلة أمام المصارف الأمريكية وأن شراء السندات منها قد أفرغ محافظها الاستثمارية .
وهكذا وعلى الرغم من أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يناضل من أجل الخروج من الركود فقد ارتفع مؤشر الداو الصناعي حتى 13/12/2010 بنسبة 5 .74% من القاع الذي كان قد وصله في مارس/ آذار 2009 .
وقد اشرنا منذ شهور إلى أن مثل هذا التحسن إذا ما استمر فسوف يعيد الثقة للمستهلك الأمريكي الذي سيبدأ تدريجيا بزيادة إنفاقه وبما يؤدي بدوره إلى تحسن فرص توظيف العمالة العاطلة مع تزايد الطلب وخلق فرص العمل الجديدة ليتمكن الاقتصاد من معاودة مستويات نمو مرتفعة . لذلك كنا قد توقعنا في الشهر الماضي استمرار تحسن أداء الأسواق الأمريكية مع عودة الفيدرالي لسياسات التخفيف الكمي بفعل توجه المصارف للاستثمار البديل من جهة وبفعل هروب الأفراد والمؤسسات من الدولار والدخول للأسهم من جهة أخرى . وبالفعل فقد تواصل هذا الأداء المتصاعد على الرغم من أن البيانات التي صدرت خلال فترة الشهور المنصرمة كانت سلبية إلى الحد الذي أعاد إحياء التوقعات المتشائمة التي ترى احتمال مجيء الأسوأ .
وقد ارتفع مؤشر داو جونز في الربع الثالث بنسبة 37 .10% فيما ارتفع الإنفاق نتيجة الشعور بالإثراء وتزايد ثروات الأسر الأمريكية في ذات الفترة بنسبة 26 .0% . وهذا يعني أن معامل تأثير مؤشرات الأسهم عى الإنفاق الشخصي هو 025 .0 أي أن كل ارتفاع في مؤشرات الأسهم الأمريكية بنسبة واحد في المئة يؤدي على ارتفاع الإنفاق الشخصي بما في ذلك مبيعات التجزئة بنسبة 025 .0% . فإذا ما ارتفعت الأسواق بنسبة 20% فان الإنفاق الشخصي سيرتفع بنسبة 52 .0% . ولقد وجدنا أن معامل ارتباط مؤشرات أسواق الأسهم بالإنفاق الشخصي الأمريكي خلال الفترة منذ نهاية الربع الثالث 2008 ولحد نهاية الربع الثالث 2010 هو موجب 0،93 .
ويبقى السؤال هو لماذا أعلن رئيس الفيدرالي الأمريكي عن إطلاق جولة ثالثة من التخفيف الكمي فيما لا تزال الجولة الثانية قيد التنفيذ ومن دون أن ينتظر كي يرى فيما إذا كانت الجولة الثانية التي بدأ للتو بتنفيذها قد أسفرت أو سوف تسفر عن نتائج إيجابية أم لا .
الجواب يكمن في الحقيقة الغاطسة في عمق مياه الأزمة المالية وهي أن التخفيف الكمي الذي يستهدف في جزئه المعلن تيسير النقد للمصارف والتأثير ايجابيا في أسواق الأسهم، فإنه يستهدف في جزئه المخفي خوض حرب تجارية تساعد على التعافي في مواجهة الغزو التجاري الآسيوي وبالذات الصيني . وكذلك إشعار الفرد والأسر الأمريكية بالإثراء من خلال التأثير غير المباشر في أسواق الأسهم . فمن خلال شراء سندات الخزينة الأمريكية من المصارف، يستهدف الفيدرالي في جزئه المخفي استخدام السياسة النقدية في الحرب التجارية التي يخوضها مع الصين، من جهة والتي تغالي في تحديد سعر صرف عملتها من دون قيمتها الحقيقية والتي أدت بدورها إلى دفع العديد من الدول الأخرى للسير على النهج الأمريكي في التخفيف الكمي وتيسير النقود للمصارف وبالتالي تراجع العملات .
كما يستهدف استخدام الساسة النقدية لرفع مؤشرات أسواق الأسهم .
وفي الوقت الذي ترتفع فيه الأسواق الأمريكية باستثناء جلسة الأربعاء، فان سوق الإمارات ولأول مرة منذ أشهر لم تعرف اللون الأخضر، حيث تراجعت أسواق الأسهم الإماراتية في أداء المؤشر العام وفي قيم التداول بتأثير من العديد من العوامل التي أضعفت توجه المستثمرين الأجانب غير العرب والمستثمرين المحليين والذين جمدوا حركتهم هذا الأسبوع وأخلوا الساحة للمضاربين . وقد انخفض مؤشر الإمارات لهذا الأسبوع بنسبة 03 .2% وذلك في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسواق العالمية وبنسب مختلفة تراوحت ما بين أدنى مستوى من المكاسب لمؤشر الداو عند59 .0% وأعلى مستوى لمؤشر الفوتسي عند 34 .1% .
ظاهرة تراجع الأسواق المحلية في الوقت الذي تواصل الأسواق العالمية وبالذات الأمريكية التي يفترض أن أسواق الدولة تحاكيها منذ فترة طويلة، مسألة تحتاج للتوقف عندها طويلا لتشخيص العوامل التي يمكن أن تساعد الأسواق المحلية على محاكاة أسواق الولايات المتحدة ليس فقط في الضراء وإنما أيضا في السراء . فالأسواق الأمريكية ارتفعت مؤشراتها ما بين 11% و 5 .9% منذ بداية العام الحالي فيما تراجعت أسواق الإمارات بنسبة (82 .3%) .
المفارقة هي أن الأسواق التي تثير الانتباه هي أن الأسواق التي ترتفع هي في الموطن الأصلي للأزمة التي ضربت الاقتصاد العالمي بينما الأسواق التي تتراجع هي في الاقتصاد الأكثر قدرة على التعافي من آثار الأزمة بسبب ما يتمتع به من موارد مالية ريعية تشكل في الأقل 30% من ناتجة المحلي الاجمالي . العوامل التي تدفع الأسواق العالمية والأمريكية بالذات إلى الارتفاع وتحفز الأفراد والمؤسسات على الدخول إليها، تغطي على العوامل السلبية السائدة فيها والتي يمكن أن تضغط على الأسواق وتحول دون ارتفاعها .
ولكن الأمر مختلف في أسواقنا المحلية إذ إن العوامل المحفزة على الدخول غائبة بالرغم من أننا نعيش نفس ظروف الدولار المتراجع بسبب الارتباط الميكانيكي به .
فالولايات المتحدة نجحت في خلق الحوافز للدخول إلى الأسواق من خلال سياسات التخفيف الكمي عبر حث الأفراد والمؤسسات على الهروب من الدولار المتراجع وكذلك عبر شراء سندات الخزينة الأمريكية من محفظة المصارف وإفراغها من الأدوات الاستثمارية وبما يحفز المصارف على شراء البديل الاستثماري المتمثل بالأسهم . ولكن في الإمارات وعلى الرغم من تراجع قيمة الدرهم المرتبط بالدولار إزاء العملات الدولية فإنه لا أحد يهرب منه إلى البديل المتمثل بالأسهم .
فالعلاقة بين الدولار ومؤشر سوق الإمارات والتي هي نفس العلاقة بين قيمة الدرهم تجاه العملات الدولية “غير الدولار” وبين أداء المؤشر العام لسوق الإمارات، وعلى خلاف العلاقة بين الدولار ومؤشرات الأسهم الأمريكية، هي علاقة غير واضحة المعالم ومتغيرة من فترة لأخرى بخلاف علاقة الدولار بمؤشرات الأسواق الأمريكية .
إذا فانخفاض قيمة العملة الإماراتية الناجم عن سياسة التخفيف الكمي الأمريكية، لا يخدم الاقتصاد الإماراتي كما هو الحال في الولايات المتحدة . الدرهم يتراجع ليس بسبب سياسة نقدية منطلقة من احتياجات الاقتصاد الإماراتي وإنما بسبب سياسة نقدية أمريكية تخدم مصلحة الاقتصاد الأمريكي .
هذا لا يعني وجوب فك ارتباط الدرهم بالدولار، فهو وكما أشار محافظ المصرف المركزي خدم ولا يزال يخدم الاقتصاد الإماراتي، ولكنه يعني ضرورة أن ينسجم تراجع قيمة العملة الإماراتية مع تيسير نقدي إماراتي يخدم الحاجة الملحة لاقتصاد الدولة للسيولة . فمادمنا تعرضنا وسنتعرض لمزيد من الضغوط على قيمة الدرهم بسبب تراجع الدولار المتوقع نتيجة احتمالات جولة ثالثة من التخفيف الكمي الأمريكي، فما الضير من تخفيف كمي إماراتي يوفر من خلاله المركزي سيولة للحكومة تستخدمها لشراء سندات من المصارف بضمان رهون عقارية عالقة لدى البنوك الوطنية .
الفوائد التي يمكن أن تجنيها بعض الدول من تراجع قيمة عملاتها والمتمثلة بجعل الصادرات أرخص غير متاحة لدولة الإمارات والدول الخليجية الأخرى . على العكس من ذلك فإن الدرهم المتراجع في قوته الشرائية يمكن أن يضر، بخلاف الولايات المتحدة، بالاقتصاد من خلال الإضرار بالصادرات المحلية .
فالجزء الرئيس من الكلف الإنتاجية في الدولة يتأتى من مستلزمات الإنتاج المستوردة .
أما الكلف المحلية كاليد العاملة والطاقة فهي تشكل نسبة بسيطة من هذه الكلف، ولذا فإن انخفاض سعر صرف العملة المحلية ومن دون أسباب محلية يقود لارتفاع أسعار السلع المعدة للتصدير، خصوصاً ان معظم مستلزمات الإنتاج مستوردة من دول أوروبية وآسيوية . . فكل السلع المستوردة سترتفع أسعارها بما في ذلك أسعار مستلزمات الإنتاج وهو ما يرفع كلف الإنتاج من دون مبرر خصوصا للسلع الصناعية المعدة للتصدير وسلع إعادة التصدير .
ولكن الأهم من ذلك هو أن هذا الضرر المتأتي من الربط بالدرهم لم تتم الاستفادة منه لتحفيز الاقتصاد عن طريق خلق السيولة التي يمكن أن ترفع من مستويات سيولة المصارف وتيسر القروض الضرورية لتفعيل القطاع العقاري وتيسير القروض لهذا القطاع الذي يعتبر المفتاح لتعافي الاقتصاد الإماراتي .
من جانب آخر فإن عدم التوسع الكمي سيبقي أسعار الفائدة التي تتقاضاها المصارف مرتفعة خصوصا أن البنك المركزي لا يمتلك آلية للتأثير المباشر في سعر الفائدة . فعلى خلاف الفيدرالي الأمريكي الذي لم يكتف بتخفيض الفائدة الأساسية إلى ما بين الصفر وربع النقطة المئوية وإنما ذهب إلى أبعد من ذلك إلى شراء سندات الخزينة الأمريكية وبما يرفع سعر شرائها وبالتالي يخفض الفائدة عليها دافعا بذلك أسعار الفائدة ما بين المصارف الأمريكية للانخفاض وبما يقود مرة أخرى للتأثير الايجابي في النمو .
وإلى جانب غياب المحفزات التي تدفع للدخول للأسواق والى جانب غيوم أزمة الديون الأوروبية التي خيمت على تفاؤل المصارف، فقد انعكس قرار المصرف المركزي المتسم بالغموض والخاص بأخذ مخصصات على ديون دبي العالمية على أداء المتعاملين الذين لا يدرك قسم كبير منهم أسباب قرار المركزي بعد أن تمت التسوية مع دبي العالمية حول إعادة الجدولة . فالعديد من هؤلاء إلى جانب بعض المحللين يعتقدون أن أخذ المخصصات هو وفقا للمعايير التي سبق أن أعلن عنها المركزي حول معايير تصنيف الديون المتعثرة والمخصصات المطلوبة . فقد اعتبر البعض أن المركزي ينظر إلى ديون دبي على أنها ديون معدومة أو مشكوك في تحصيلها .
وهو ما انعكس سلبا على الأسواق التي انكفأ فيها المستثمرون على أنفسهم تحسبا للتراجعات المحتملة خصوصا مع صدور أخبار في وسائل الإعلام تشير إلى أن “دبي إنترناشونال كابيتال” قد تتخلى عن شركتها الفرعية “ألاينز ميديكال” المتخصصة في التصوير الطبي، ومقرها بريطانيا، للدائنين في إطار صفقة لمقايضة الدين بالأسهم . كما ظهر خبر يفيد بأن شركة استثمار العالمية، التابعة لشركة دبي العالمية ستبيع حصتها ضمن مشروعات الواجهة البحرية “فيكتوريا أند ألفريد” ووترفرونت بكيب تاون في جنوب إفريقيا . هذا إلى جانب تصريحات صادرة عن الدائرة المالية في دبي بأنها قد تقوم بإصدار سندات في العام 2011 لتمويل الميزانية .
مجموع هذه الأخبار أدى إلى تراجع المعدل اليومي لقيم التداول خلال الأسبوع بنسبة تقارب ال40% بالمقارنة مع معدل تداول الأسبوع السابق ومع معدل الأشهر الثلاث الأخيرة . السؤال المهم: هل هناك آلية مشابهة للآليات التي تتبعها الولايات المتحدة للتأثير في أسواق الأسهم والعقار في الإمارات وبما يخرج الاقتصاد من أتون الوضع الراهن قبل غيره من الاقتصادات العالمية والإقليمية .
إن دولة الإمارات ثاني اقتصاد عربي من حيث الحجم وأول اقتصاد عربي من حيث كفاءة الأداء يجب أن تكون أول الخارجين من الأزمة الراهنة وليس أكثر المتضررين منها . السياسة النقدية يجب أن تكون الأداة الأكثر فاعلية وليس مجرد سياسة محايدة ومجمدة في ثلاجة عميقة وتابعة للسياسة النقدية الأمريكية . ومنذ عدة عقود لم تعد السياسة النقدية محايدة كما كانت في ظل قاعدة الذهب حيث يتحكم حجم الاحتياطي الذهبي تلقائيا بعرض النقد . فقد أصبحت في ظل النظام النقدي الائتماني الأكثر فاعلية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي .
وعندما تكون أبواب الاقتراض الخارجي مغلقة أو تنتابها العديد من الصعوبات والمعوقات في ظل تتابع الأزمات المالية الفرعية كأزمة ديون إيرلندا والتي من المتوقع أن تتفاقم إذا ما ظهرت أزمات مديونية أخرى حول العالم، فان الطريق الوحيد المتاح هو الذي تعبده السياسة النقدية بما تعنيه من خلق زيادة صافية في السيولة والتي لا تقتطع من دورة الدخل وإنما من إصدار نقدي جديد يتيحه النظام النقدي الائتماني والذي يجعل سلطة الإصدار النقدي الوحيدة هي للبنك المركزي وهو ما يسمى بالتخفيف الكمي الذي يعني زيادة في السيولة النقدية .
والواقع إن التحفظ الذي يرد على مثل هذه السياسة هو أنها تؤدي إلى خفض قيمة العملة غير وارد بالنسبة للإمارات والدول الخليجية التي تربط عملاتها بالدولار كون عملتها قد انخفضت أصلا بفعل انخفاض الدولار وأن التخفيف الكمي إذا ما اتبعته الإمارات أو أي دولة تربط عملتها بالدولار لن يؤدي إلى المزيد من الانخفاض كون الانخفاض قد حدث فعلا من دون سبب نقدي أو اقتصادي .
وعندما نتحدث مطولا عن حلول نقودية وسياسة نقدية قادرة على إخراج الاقتصاد من الوضع الراهن فلا بد من التذكير بالعوامل الكابتة لارتفاع أسواق الأسهم باعتبار أن هذه الأسواق إلى جانب سوق العقارات هي المرآة التي تعكس وضع الاقتصاد .
من الواضح أن مشكلة السيولة تشكل المانع الرئيسي لتعافي الأسواق الإماراتية وهي مشكلة ناجمة عن عدم اكتمال دورة السيولة أو انقطاع مجراها في مساربها الطبيعية .
تراجع قيم التداولات واستمرار التراجع في الأسواق المالية وكذلك في أسواق العقار هو النتيجة الطبيعية لهذا الانقطاع في دورة السيولة . ويعود هذا الانقطاع إلى أن البنوك تقوم بجمع أقساط الديون المستحقة على الشركات والأفراد في حالة السداد، ولا تقوم بإعادة هذه السيولة إلى الدورة الاقتصادية أي بإعادة إقراضها لأن معظم هذه البنوك بدورها لديها قروض واجبة التسديد وتفضل الاحتفاظ بما يأتيها من سيولة من الشركات والأفراد المدينين لها لغرض تسديد ما عليها من التزامات .
وبموجب تقرير سابق لشركة الفجر للأوراق المالية، فإن المصارف الإماراتية مدينة بمبلغ 115 مليار درهم منها 6 .24 مليار درهم واجبة التسديد في العام الحالي 2010 . ولعل هذا ما يفسر تهافت البنوك على استقطاب السيولة وتوقفها كليا عن منح القروض وفقا لبيانات المركزي الإماراتي في تشرين الأول والتي تراجعت بمقدار 700 مليون درهم وهو ما يعني ان المصارف قد سحبت هذا المبلغ من التداول وجمدته لديها أو أضافته لما تسعى لتجميعه لمواجهة التزامات في معظمها خارجية واجبة السداد .
ومن دون أدنى شك، فان المصارف ستبقى مغلولة اليد في منح الائتمان ما لم تصبح التدفقات النقدية الداخلة للبنوك من خلال تسديد الديون من قبل الشركات والأفراد، أكبر من التدفقات المتوقع خروجها لتسديد التزامات البنوك المستحقة عليها .
المصارف التي أفرطت في التمويل منساقة وراء تعظيم الأرباح من دون التحسب للمخاطر من خلال الاقتراض وإعادة الإقراض للأفراد والمؤسسات، أغرقت المجتمع في ديون عالية وصلت نسبتها إلى قرابة مثل الناتج المحلي للدولة، في وقت انخفضت قيمة الأصول التي كان قد تم تمويلها بهذه الديون .
لذلك فقد تعثرت العديد من الشركات وخصوصا العقارية والأفراد . ومما يزيد من حدة المشكلة هو أنه حتى في حالة تسييل الأصول المرهونة وفقا للأسعار الحالية، فإن قيمتها لا تسد مبلغ القرض الذي كان قد تم احتسابه بنسبة تصل إلى 90% من قيمة الأصل في فترة الطفرة . أي أن المصارف في فترة الطفرة لم تكن تتحسب لمخاطر انخفاض الأسعار أو مخاطر انفجار الفقاعة لتتحفظ على قيمة الأصل عند منح القرض . كان الهم الأول هو زيادة الأرباح وزيادة المكافآت التي تترتب على الأرباح العالية .
إذا جوهر المشكلة هو توقف المصارف عن الإقراض وبما يؤدي الى انقطاع دورة السيولة حيث إن البنوك أصبحت تتشدد في تقديم قروض جديدة إلى الشركات وترفع من أسعار الفائدة وتكلفة الدين، وهو ما ينعكس سلبا على أعمال المدينين ويرتد مرة أخرى على قدرة المصارف في استحصال ديونها . كل تقلص في الإقراض المصرفي إذا يتبلور بمزيد من الانخفاض في قيم الأصول المالية والعقارية لينعكس مرة أخرى على المصارف .
وإذا كانت المصارف مسؤولة جزئيا عن الأوضاع الراهنة، فإننا نعتقد أنها غير قادرة من دون الدعم الحكومي على النهوض بمسؤوليتها تجاه الاقتصاد وبالذات تجاه قطاعي الثروة الوطنية العقار والأسهم اللذين يرتبطان بعلاقة قوية موجبة قدرها 7 .،0 أي أن ارتفاعهما وانخفاضهما يسيران بشكل متماثل بنسبة ،70 وبما أن ارتفاع قيم أصول هذين القطاعين “العقار والأسهم” سيحل الكثير من مشكلات المديونية المتعثرة للشركات وسيعيد للمصارف قدرتها على إطلاق القروض التي نشبهها بمثابة الدم في جسم الإنسان، فان الدعم الحكومي لسيولة المصارف ضرورة لا تقل أهمية عن الضرورة التي دفعت الدولة لرفع كفاءة رأس مال .
فإذا ارتفعت أسواق الأسهم، فإن عشرات المليارات من القروض برهن الأسهم سوف تتحرر (شريطة أن يضع البنك المركزي جدولاً زمنياً تدريجياً لضمان عدم تسبيل الأسهم التي ترتفع أسعارها دفعة واحدة وبما يؤدي مرة أخرى إلى انهيار الأسواق) .
وإذا ما تحرر جزء من القروض بضمان الأسهم فان السيولة الإضافية التي تحررت يمكن أن تتجه لسوق العقار خصوصا أن التراجع الذي طرأ على أسعار الوحدات العقارية جعلها أكثر جاذبية لاستقطاب تمويلات البنوك حيث إن نسبة المخاطرة في القروض حالياً قد تناقصت بالمقارنة مع سنوات الطفرة العقارية، ما سيدفع العديد من البنوك إلى إعادة النظر في قرار التوقف عن تمويل الوحدات السكنية الذي كانت قد اتخذته عقب الأزمة في حال توفر السيولة لديها .
ونظراً للعلاقة المتبادلة بين سوقي العقار والأسهم فاننا نعتقد أن التيسير النقدي يجب أن يتجه في آن واحد لكلا السوقين العقاري والأسهم .
إذا الآلية التي اتبعها الفيدرالي لتحفيز الاقتصاد عبر التخفيف الكمي يمكن أن يكون لها آليات مناظرة في الدولة وبما يسهل مسيرة التعافي الناجز .
*المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية .
* نقلاً عن صحيفة الخليج .
بعد أن أظهرت بيانات حديثة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أن ثروة الأسر الأمريكية زادت بواقع 2 .1 تريليون دولار لتصبح 9 .54 تريليون دولار، تحسن أداء الاقتصاد الأمريكي في الربع الثالث وفقا لمؤشرات مبيعات التجزئة وأسعار المنتجين . وكانت ثروات الأسر قد تراجعت في الربع الثاني بنحو 5 .1 تريليون دولار بفعل انخفاض مؤشرات الأسهم .
وكانت مؤشرات الأسواق الأمريكية قد ارتفعت بنحو 11 في المئة بعد هبوط 12 في المئة في الربع الثاني . وكنتيجة لهذا الارتفاع في الثروة فقد ارتفعت كل من مبيعات التجزئة وأسعار المنتجين بتأثير من الأثر النفسي الذي يخلقه الشعور بالإثراء . ارتفاع الأسعار وإن كان طفيفا يخالف الوضع السائد في الربع الثاني من العام عندما لم يكن للتضخم مكان في الاقتصاد الأمريكي، وعندما كانت العديد من العوائق تقف أمام الاقتصاد لتحد من ارتفاع الأسعار بصورة تثير القلق من تشكل مخاطر تضخمية واضحة، بل على العكس فإن القلق من مخاطر الانكماش التضخمي، كان هو السائد، الأمر الذي جعل الفيدرالي يقدم على إطلاق برنامج تحفيزي ثانٍ للتخفيف الكمي، وذلك لدعم الاقتصاد عبر ثلاث آليات هي:-
أولا: التأثير غير المباشر في أسواق الأسهم بهدف رفع مستوى الشعور بالإثراء وبالتالي زيادة الانفاق من خلال دفع المستثمرين المؤسساتيين للدخول للأسواق هربا من مخاطر التوظيف في الإقراض التقليدي التي لا تزال ماثلة أمام المصارف الأمريكية، وكذلك دفع المصارف لشراء الأسهم بعد أن أفرغ الفيدرالي محافظها الاستثمارية من هذه السندات في إطار التخفيف الكمي .
كما ان التأثير في أسواق الأسهم يتم أيضا من خلال دفع المستثمرين الأفراد والمؤسسات للدخول للأسواق من خلال الهرب من الدولار المرشح للتراجع بسبب التخفيف الكمي .
ثانياً: التأثير المباشر في الاقتصاد عبر وضع أداة فاعلة تحت تصرف الإدارة الاقتصادية لخوض حرب تجارية مع الصين والدول التي تنافس صادرات الولايات المتحدة والسلع المحلية في السوق الأمريكية وبما يؤدي إلى تحسن الطلب على السلع والخدمات الأمريكية . وهو ما يمكن اعتباره من الأسباب التي دفعت رئيس الفيدرالي للإعلان عن الحاجة لجولة ثالثة من التخفيف الكمي .
ثالثا: التأثير في أسعار الفائدة السائدة من خلال شراء سندات الخزينة من المصارف وبما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها وانخفاض عائدها ما يؤثر في أسعار الفائدة بين المصارف وفوائد الإقراض . وفي الأسبوع الماضي وبسبب ارتفاع الدولار الناجم عن تراجع اليورو ارتفع عائد السندات ما أثار القلق حول قضية تكلفة الاقتراض المرتفعة التي قد تخنق الانتعاش الاقتصادي .
وجاء ارتفاع الأسواق الأمريكية الذي يتواصل منذ أن أعلن الفيدرالي بالعودة القوية لسياسات التخفيف الكمي والذي بلغ 12 .14% منذ نهاية أغسطس/ آب الماضي، على الرغم من البيانات الاقتصادية الضعيفة المتعلقة بالأشهر القليلة الماضية وخصوصا بيانات قطاع المنازل . هذا التناقض بين الأداء الاقتصادي السيئ وبين أداء أسواق الأسهم الجيد جدا، يثير التساؤل حول الأسباب التي تدفع أسواق المال لمخالفة اتجاه الاقتصاد الحقيقي كما يثير التساؤل فيما إذا كان هذا التناقض هو بفعل متعمد ومقصود ومرغوب فيه لتحقيق أهداف مرسومة تتعلق بتسريع خروج الاقتصاد من حالة تباطؤ النمو .
تحسن هذا الأداء يتم في ظل ظروف اقتصادية أقل ما يمكن أن يقال بشأنها إنها غير مناسبة لمثل هذا الأداء الممتاز لأسواق الأسهم حيث لا يزال الفيدرالي يؤكد استمرار العقبات التي تقف أمام الاقتصاد الأمريكي وأمام تقدمه، متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني ومعدلات البطالة المرتفعة وضعف قطاع المنازل و ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري ما يدل على أن التعافي يسير بوتيرة معتدلة أو بالأحرى يواجه العقبات . ارتفاع الأسواق الأمريكية الذي يتواصل على الرغم من ذلك يثير التساؤل حول الأسباب التي تدفع أسواق المال لمخالفة اتجاه الاقتصاد الحقيقي .
إننا نعتقد، وهو ما كنا قد أشرنا إليه سابقا، أن السياسات الاقتصادية الأمريكية قد اختارت العديد من المسارات لدعم الاقتصاد منها ومن أهمها تحسين قيمة الأصول المالية (الأسهم) كوسيلة مكملة لتحفيز الإنفاق الذي يشكل 70% من الاقتصاد . إلى جانب تحفيز الصادرات وزيادة الطلب على السلع الأمريكية في السوق المحلية وذلك من خلال التخفيف الكمي .
إن اختيار أسواق الأسهم من قبل صناع السياسة الاقتصادية كوسيلة محفزة لزيادة الإنفاق، لا يعني أن السلطات الاقتصادية قد تدخلت بصورة مباشرة لرفع الأسواق بل يعني أن الأموال التي تم ضخها لدعم النظام المالي عبر سياسات التخفيف الكمي المتلاحقة والمتمثلة بشراء سندات الخزينة الأمريكية من المصارف، وظفت واستخدمت من قبل المصارف في أسواق الأسهم خصوصا أن مخاطر التوظيف في الإقراض التقليدي لا تزال ماثلة أمام المصارف الأمريكية وأن شراء السندات منها قد أفرغ محافظها الاستثمارية .
وهكذا وعلى الرغم من أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يناضل من أجل الخروج من الركود فقد ارتفع مؤشر الداو الصناعي حتى 13/12/2010 بنسبة 5 .74% من القاع الذي كان قد وصله في مارس/ آذار 2009 .
وقد اشرنا منذ شهور إلى أن مثل هذا التحسن إذا ما استمر فسوف يعيد الثقة للمستهلك الأمريكي الذي سيبدأ تدريجيا بزيادة إنفاقه وبما يؤدي بدوره إلى تحسن فرص توظيف العمالة العاطلة مع تزايد الطلب وخلق فرص العمل الجديدة ليتمكن الاقتصاد من معاودة مستويات نمو مرتفعة . لذلك كنا قد توقعنا في الشهر الماضي استمرار تحسن أداء الأسواق الأمريكية مع عودة الفيدرالي لسياسات التخفيف الكمي بفعل توجه المصارف للاستثمار البديل من جهة وبفعل هروب الأفراد والمؤسسات من الدولار والدخول للأسهم من جهة أخرى . وبالفعل فقد تواصل هذا الأداء المتصاعد على الرغم من أن البيانات التي صدرت خلال فترة الشهور المنصرمة كانت سلبية إلى الحد الذي أعاد إحياء التوقعات المتشائمة التي ترى احتمال مجيء الأسوأ .
وقد ارتفع مؤشر داو جونز في الربع الثالث بنسبة 37 .10% فيما ارتفع الإنفاق نتيجة الشعور بالإثراء وتزايد ثروات الأسر الأمريكية في ذات الفترة بنسبة 26 .0% . وهذا يعني أن معامل تأثير مؤشرات الأسهم عى الإنفاق الشخصي هو 025 .0 أي أن كل ارتفاع في مؤشرات الأسهم الأمريكية بنسبة واحد في المئة يؤدي على ارتفاع الإنفاق الشخصي بما في ذلك مبيعات التجزئة بنسبة 025 .0% . فإذا ما ارتفعت الأسواق بنسبة 20% فان الإنفاق الشخصي سيرتفع بنسبة 52 .0% . ولقد وجدنا أن معامل ارتباط مؤشرات أسواق الأسهم بالإنفاق الشخصي الأمريكي خلال الفترة منذ نهاية الربع الثالث 2008 ولحد نهاية الربع الثالث 2010 هو موجب 0،93 .
ويبقى السؤال هو لماذا أعلن رئيس الفيدرالي الأمريكي عن إطلاق جولة ثالثة من التخفيف الكمي فيما لا تزال الجولة الثانية قيد التنفيذ ومن دون أن ينتظر كي يرى فيما إذا كانت الجولة الثانية التي بدأ للتو بتنفيذها قد أسفرت أو سوف تسفر عن نتائج إيجابية أم لا .
الجواب يكمن في الحقيقة الغاطسة في عمق مياه الأزمة المالية وهي أن التخفيف الكمي الذي يستهدف في جزئه المعلن تيسير النقد للمصارف والتأثير ايجابيا في أسواق الأسهم، فإنه يستهدف في جزئه المخفي خوض حرب تجارية تساعد على التعافي في مواجهة الغزو التجاري الآسيوي وبالذات الصيني . وكذلك إشعار الفرد والأسر الأمريكية بالإثراء من خلال التأثير غير المباشر في أسواق الأسهم . فمن خلال شراء سندات الخزينة الأمريكية من المصارف، يستهدف الفيدرالي في جزئه المخفي استخدام السياسة النقدية في الحرب التجارية التي يخوضها مع الصين، من جهة والتي تغالي في تحديد سعر صرف عملتها من دون قيمتها الحقيقية والتي أدت بدورها إلى دفع العديد من الدول الأخرى للسير على النهج الأمريكي في التخفيف الكمي وتيسير النقود للمصارف وبالتالي تراجع العملات .
كما يستهدف استخدام الساسة النقدية لرفع مؤشرات أسواق الأسهم .
وفي الوقت الذي ترتفع فيه الأسواق الأمريكية باستثناء جلسة الأربعاء، فان سوق الإمارات ولأول مرة منذ أشهر لم تعرف اللون الأخضر، حيث تراجعت أسواق الأسهم الإماراتية في أداء المؤشر العام وفي قيم التداول بتأثير من العديد من العوامل التي أضعفت توجه المستثمرين الأجانب غير العرب والمستثمرين المحليين والذين جمدوا حركتهم هذا الأسبوع وأخلوا الساحة للمضاربين . وقد انخفض مؤشر الإمارات لهذا الأسبوع بنسبة 03 .2% وذلك في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسواق العالمية وبنسب مختلفة تراوحت ما بين أدنى مستوى من المكاسب لمؤشر الداو عند59 .0% وأعلى مستوى لمؤشر الفوتسي عند 34 .1% .
ظاهرة تراجع الأسواق المحلية في الوقت الذي تواصل الأسواق العالمية وبالذات الأمريكية التي يفترض أن أسواق الدولة تحاكيها منذ فترة طويلة، مسألة تحتاج للتوقف عندها طويلا لتشخيص العوامل التي يمكن أن تساعد الأسواق المحلية على محاكاة أسواق الولايات المتحدة ليس فقط في الضراء وإنما أيضا في السراء . فالأسواق الأمريكية ارتفعت مؤشراتها ما بين 11% و 5 .9% منذ بداية العام الحالي فيما تراجعت أسواق الإمارات بنسبة (82 .3%) .
المفارقة هي أن الأسواق التي تثير الانتباه هي أن الأسواق التي ترتفع هي في الموطن الأصلي للأزمة التي ضربت الاقتصاد العالمي بينما الأسواق التي تتراجع هي في الاقتصاد الأكثر قدرة على التعافي من آثار الأزمة بسبب ما يتمتع به من موارد مالية ريعية تشكل في الأقل 30% من ناتجة المحلي الاجمالي . العوامل التي تدفع الأسواق العالمية والأمريكية بالذات إلى الارتفاع وتحفز الأفراد والمؤسسات على الدخول إليها، تغطي على العوامل السلبية السائدة فيها والتي يمكن أن تضغط على الأسواق وتحول دون ارتفاعها .
ولكن الأمر مختلف في أسواقنا المحلية إذ إن العوامل المحفزة على الدخول غائبة بالرغم من أننا نعيش نفس ظروف الدولار المتراجع بسبب الارتباط الميكانيكي به .
فالولايات المتحدة نجحت في خلق الحوافز للدخول إلى الأسواق من خلال سياسات التخفيف الكمي عبر حث الأفراد والمؤسسات على الهروب من الدولار المتراجع وكذلك عبر شراء سندات الخزينة الأمريكية من محفظة المصارف وإفراغها من الأدوات الاستثمارية وبما يحفز المصارف على شراء البديل الاستثماري المتمثل بالأسهم . ولكن في الإمارات وعلى الرغم من تراجع قيمة الدرهم المرتبط بالدولار إزاء العملات الدولية فإنه لا أحد يهرب منه إلى البديل المتمثل بالأسهم .
فالعلاقة بين الدولار ومؤشر سوق الإمارات والتي هي نفس العلاقة بين قيمة الدرهم تجاه العملات الدولية “غير الدولار” وبين أداء المؤشر العام لسوق الإمارات، وعلى خلاف العلاقة بين الدولار ومؤشرات الأسهم الأمريكية، هي علاقة غير واضحة المعالم ومتغيرة من فترة لأخرى بخلاف علاقة الدولار بمؤشرات الأسواق الأمريكية .
إذا فانخفاض قيمة العملة الإماراتية الناجم عن سياسة التخفيف الكمي الأمريكية، لا يخدم الاقتصاد الإماراتي كما هو الحال في الولايات المتحدة . الدرهم يتراجع ليس بسبب سياسة نقدية منطلقة من احتياجات الاقتصاد الإماراتي وإنما بسبب سياسة نقدية أمريكية تخدم مصلحة الاقتصاد الأمريكي .
هذا لا يعني وجوب فك ارتباط الدرهم بالدولار، فهو وكما أشار محافظ المصرف المركزي خدم ولا يزال يخدم الاقتصاد الإماراتي، ولكنه يعني ضرورة أن ينسجم تراجع قيمة العملة الإماراتية مع تيسير نقدي إماراتي يخدم الحاجة الملحة لاقتصاد الدولة للسيولة . فمادمنا تعرضنا وسنتعرض لمزيد من الضغوط على قيمة الدرهم بسبب تراجع الدولار المتوقع نتيجة احتمالات جولة ثالثة من التخفيف الكمي الأمريكي، فما الضير من تخفيف كمي إماراتي يوفر من خلاله المركزي سيولة للحكومة تستخدمها لشراء سندات من المصارف بضمان رهون عقارية عالقة لدى البنوك الوطنية .
الفوائد التي يمكن أن تجنيها بعض الدول من تراجع قيمة عملاتها والمتمثلة بجعل الصادرات أرخص غير متاحة لدولة الإمارات والدول الخليجية الأخرى . على العكس من ذلك فإن الدرهم المتراجع في قوته الشرائية يمكن أن يضر، بخلاف الولايات المتحدة، بالاقتصاد من خلال الإضرار بالصادرات المحلية .
فالجزء الرئيس من الكلف الإنتاجية في الدولة يتأتى من مستلزمات الإنتاج المستوردة .
أما الكلف المحلية كاليد العاملة والطاقة فهي تشكل نسبة بسيطة من هذه الكلف، ولذا فإن انخفاض سعر صرف العملة المحلية ومن دون أسباب محلية يقود لارتفاع أسعار السلع المعدة للتصدير، خصوصاً ان معظم مستلزمات الإنتاج مستوردة من دول أوروبية وآسيوية . . فكل السلع المستوردة سترتفع أسعارها بما في ذلك أسعار مستلزمات الإنتاج وهو ما يرفع كلف الإنتاج من دون مبرر خصوصا للسلع الصناعية المعدة للتصدير وسلع إعادة التصدير .
ولكن الأهم من ذلك هو أن هذا الضرر المتأتي من الربط بالدرهم لم تتم الاستفادة منه لتحفيز الاقتصاد عن طريق خلق السيولة التي يمكن أن ترفع من مستويات سيولة المصارف وتيسر القروض الضرورية لتفعيل القطاع العقاري وتيسير القروض لهذا القطاع الذي يعتبر المفتاح لتعافي الاقتصاد الإماراتي .
من جانب آخر فإن عدم التوسع الكمي سيبقي أسعار الفائدة التي تتقاضاها المصارف مرتفعة خصوصا أن البنك المركزي لا يمتلك آلية للتأثير المباشر في سعر الفائدة . فعلى خلاف الفيدرالي الأمريكي الذي لم يكتف بتخفيض الفائدة الأساسية إلى ما بين الصفر وربع النقطة المئوية وإنما ذهب إلى أبعد من ذلك إلى شراء سندات الخزينة الأمريكية وبما يرفع سعر شرائها وبالتالي يخفض الفائدة عليها دافعا بذلك أسعار الفائدة ما بين المصارف الأمريكية للانخفاض وبما يقود مرة أخرى للتأثير الايجابي في النمو .
وإلى جانب غياب المحفزات التي تدفع للدخول للأسواق والى جانب غيوم أزمة الديون الأوروبية التي خيمت على تفاؤل المصارف، فقد انعكس قرار المصرف المركزي المتسم بالغموض والخاص بأخذ مخصصات على ديون دبي العالمية على أداء المتعاملين الذين لا يدرك قسم كبير منهم أسباب قرار المركزي بعد أن تمت التسوية مع دبي العالمية حول إعادة الجدولة . فالعديد من هؤلاء إلى جانب بعض المحللين يعتقدون أن أخذ المخصصات هو وفقا للمعايير التي سبق أن أعلن عنها المركزي حول معايير تصنيف الديون المتعثرة والمخصصات المطلوبة . فقد اعتبر البعض أن المركزي ينظر إلى ديون دبي على أنها ديون معدومة أو مشكوك في تحصيلها .
وهو ما انعكس سلبا على الأسواق التي انكفأ فيها المستثمرون على أنفسهم تحسبا للتراجعات المحتملة خصوصا مع صدور أخبار في وسائل الإعلام تشير إلى أن “دبي إنترناشونال كابيتال” قد تتخلى عن شركتها الفرعية “ألاينز ميديكال” المتخصصة في التصوير الطبي، ومقرها بريطانيا، للدائنين في إطار صفقة لمقايضة الدين بالأسهم . كما ظهر خبر يفيد بأن شركة استثمار العالمية، التابعة لشركة دبي العالمية ستبيع حصتها ضمن مشروعات الواجهة البحرية “فيكتوريا أند ألفريد” ووترفرونت بكيب تاون في جنوب إفريقيا . هذا إلى جانب تصريحات صادرة عن الدائرة المالية في دبي بأنها قد تقوم بإصدار سندات في العام 2011 لتمويل الميزانية .
مجموع هذه الأخبار أدى إلى تراجع المعدل اليومي لقيم التداول خلال الأسبوع بنسبة تقارب ال40% بالمقارنة مع معدل تداول الأسبوع السابق ومع معدل الأشهر الثلاث الأخيرة . السؤال المهم: هل هناك آلية مشابهة للآليات التي تتبعها الولايات المتحدة للتأثير في أسواق الأسهم والعقار في الإمارات وبما يخرج الاقتصاد من أتون الوضع الراهن قبل غيره من الاقتصادات العالمية والإقليمية .
إن دولة الإمارات ثاني اقتصاد عربي من حيث الحجم وأول اقتصاد عربي من حيث كفاءة الأداء يجب أن تكون أول الخارجين من الأزمة الراهنة وليس أكثر المتضررين منها . السياسة النقدية يجب أن تكون الأداة الأكثر فاعلية وليس مجرد سياسة محايدة ومجمدة في ثلاجة عميقة وتابعة للسياسة النقدية الأمريكية . ومنذ عدة عقود لم تعد السياسة النقدية محايدة كما كانت في ظل قاعدة الذهب حيث يتحكم حجم الاحتياطي الذهبي تلقائيا بعرض النقد . فقد أصبحت في ظل النظام النقدي الائتماني الأكثر فاعلية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي .
وعندما تكون أبواب الاقتراض الخارجي مغلقة أو تنتابها العديد من الصعوبات والمعوقات في ظل تتابع الأزمات المالية الفرعية كأزمة ديون إيرلندا والتي من المتوقع أن تتفاقم إذا ما ظهرت أزمات مديونية أخرى حول العالم، فان الطريق الوحيد المتاح هو الذي تعبده السياسة النقدية بما تعنيه من خلق زيادة صافية في السيولة والتي لا تقتطع من دورة الدخل وإنما من إصدار نقدي جديد يتيحه النظام النقدي الائتماني والذي يجعل سلطة الإصدار النقدي الوحيدة هي للبنك المركزي وهو ما يسمى بالتخفيف الكمي الذي يعني زيادة في السيولة النقدية .
والواقع إن التحفظ الذي يرد على مثل هذه السياسة هو أنها تؤدي إلى خفض قيمة العملة غير وارد بالنسبة للإمارات والدول الخليجية التي تربط عملاتها بالدولار كون عملتها قد انخفضت أصلا بفعل انخفاض الدولار وأن التخفيف الكمي إذا ما اتبعته الإمارات أو أي دولة تربط عملتها بالدولار لن يؤدي إلى المزيد من الانخفاض كون الانخفاض قد حدث فعلا من دون سبب نقدي أو اقتصادي .
وعندما نتحدث مطولا عن حلول نقودية وسياسة نقدية قادرة على إخراج الاقتصاد من الوضع الراهن فلا بد من التذكير بالعوامل الكابتة لارتفاع أسواق الأسهم باعتبار أن هذه الأسواق إلى جانب سوق العقارات هي المرآة التي تعكس وضع الاقتصاد .
من الواضح أن مشكلة السيولة تشكل المانع الرئيسي لتعافي الأسواق الإماراتية وهي مشكلة ناجمة عن عدم اكتمال دورة السيولة أو انقطاع مجراها في مساربها الطبيعية .
تراجع قيم التداولات واستمرار التراجع في الأسواق المالية وكذلك في أسواق العقار هو النتيجة الطبيعية لهذا الانقطاع في دورة السيولة . ويعود هذا الانقطاع إلى أن البنوك تقوم بجمع أقساط الديون المستحقة على الشركات والأفراد في حالة السداد، ولا تقوم بإعادة هذه السيولة إلى الدورة الاقتصادية أي بإعادة إقراضها لأن معظم هذه البنوك بدورها لديها قروض واجبة التسديد وتفضل الاحتفاظ بما يأتيها من سيولة من الشركات والأفراد المدينين لها لغرض تسديد ما عليها من التزامات .
وبموجب تقرير سابق لشركة الفجر للأوراق المالية، فإن المصارف الإماراتية مدينة بمبلغ 115 مليار درهم منها 6 .24 مليار درهم واجبة التسديد في العام الحالي 2010 . ولعل هذا ما يفسر تهافت البنوك على استقطاب السيولة وتوقفها كليا عن منح القروض وفقا لبيانات المركزي الإماراتي في تشرين الأول والتي تراجعت بمقدار 700 مليون درهم وهو ما يعني ان المصارف قد سحبت هذا المبلغ من التداول وجمدته لديها أو أضافته لما تسعى لتجميعه لمواجهة التزامات في معظمها خارجية واجبة السداد .
ومن دون أدنى شك، فان المصارف ستبقى مغلولة اليد في منح الائتمان ما لم تصبح التدفقات النقدية الداخلة للبنوك من خلال تسديد الديون من قبل الشركات والأفراد، أكبر من التدفقات المتوقع خروجها لتسديد التزامات البنوك المستحقة عليها .
المصارف التي أفرطت في التمويل منساقة وراء تعظيم الأرباح من دون التحسب للمخاطر من خلال الاقتراض وإعادة الإقراض للأفراد والمؤسسات، أغرقت المجتمع في ديون عالية وصلت نسبتها إلى قرابة مثل الناتج المحلي للدولة، في وقت انخفضت قيمة الأصول التي كان قد تم تمويلها بهذه الديون .
لذلك فقد تعثرت العديد من الشركات وخصوصا العقارية والأفراد . ومما يزيد من حدة المشكلة هو أنه حتى في حالة تسييل الأصول المرهونة وفقا للأسعار الحالية، فإن قيمتها لا تسد مبلغ القرض الذي كان قد تم احتسابه بنسبة تصل إلى 90% من قيمة الأصل في فترة الطفرة . أي أن المصارف في فترة الطفرة لم تكن تتحسب لمخاطر انخفاض الأسعار أو مخاطر انفجار الفقاعة لتتحفظ على قيمة الأصل عند منح القرض . كان الهم الأول هو زيادة الأرباح وزيادة المكافآت التي تترتب على الأرباح العالية .
إذا جوهر المشكلة هو توقف المصارف عن الإقراض وبما يؤدي الى انقطاع دورة السيولة حيث إن البنوك أصبحت تتشدد في تقديم قروض جديدة إلى الشركات وترفع من أسعار الفائدة وتكلفة الدين، وهو ما ينعكس سلبا على أعمال المدينين ويرتد مرة أخرى على قدرة المصارف في استحصال ديونها . كل تقلص في الإقراض المصرفي إذا يتبلور بمزيد من الانخفاض في قيم الأصول المالية والعقارية لينعكس مرة أخرى على المصارف .
وإذا كانت المصارف مسؤولة جزئيا عن الأوضاع الراهنة، فإننا نعتقد أنها غير قادرة من دون الدعم الحكومي على النهوض بمسؤوليتها تجاه الاقتصاد وبالذات تجاه قطاعي الثروة الوطنية العقار والأسهم اللذين يرتبطان بعلاقة قوية موجبة قدرها 7 .،0 أي أن ارتفاعهما وانخفاضهما يسيران بشكل متماثل بنسبة ،70 وبما أن ارتفاع قيم أصول هذين القطاعين “العقار والأسهم” سيحل الكثير من مشكلات المديونية المتعثرة للشركات وسيعيد للمصارف قدرتها على إطلاق القروض التي نشبهها بمثابة الدم في جسم الإنسان، فان الدعم الحكومي لسيولة المصارف ضرورة لا تقل أهمية عن الضرورة التي دفعت الدولة لرفع كفاءة رأس مال .
فإذا ارتفعت أسواق الأسهم، فإن عشرات المليارات من القروض برهن الأسهم سوف تتحرر (شريطة أن يضع البنك المركزي جدولاً زمنياً تدريجياً لضمان عدم تسبيل الأسهم التي ترتفع أسعارها دفعة واحدة وبما يؤدي مرة أخرى إلى انهيار الأسواق) .
وإذا ما تحرر جزء من القروض بضمان الأسهم فان السيولة الإضافية التي تحررت يمكن أن تتجه لسوق العقار خصوصا أن التراجع الذي طرأ على أسعار الوحدات العقارية جعلها أكثر جاذبية لاستقطاب تمويلات البنوك حيث إن نسبة المخاطرة في القروض حالياً قد تناقصت بالمقارنة مع سنوات الطفرة العقارية، ما سيدفع العديد من البنوك إلى إعادة النظر في قرار التوقف عن تمويل الوحدات السكنية الذي كانت قد اتخذته عقب الأزمة في حال توفر السيولة لديها .
ونظراً للعلاقة المتبادلة بين سوقي العقار والأسهم فاننا نعتقد أن التيسير النقدي يجب أن يتجه في آن واحد لكلا السوقين العقاري والأسهم .
إذا الآلية التي اتبعها الفيدرالي لتحفيز الاقتصاد عبر التخفيف الكمي يمكن أن يكون لها آليات مناظرة في الدولة وبما يسهل مسيرة التعافي الناجز .
*المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية .
* نقلاً عن صحيفة الخليج .
0 التعليقات :
إرسال تعليق