تابع جديد المدونة عبر:

الثروة بين الدول الاسكندنافية ودول مجلس التعاون

ان المصدر الأساسي لثروة الدول الاسكندنافية ـــ السويد والنرويج والدنمارك ـــ هو الضرائب. هذه الدول الثلاث تؤلف الضرائب المباشرة فيها نحو 50 في المائة من ميزانياتها. بمعنى آخر أن كل فرد يعمل فيها يساهم بطريقة مباشرة في رفد الميزانية.


ومن هذا المنطلق يحاسب الفرد الحكومات القائمة على ما تنفقه ولا سيما من خلال الإعلام. الفرد هنا يشعر بأن الميزانية هي ناتج عرق جبينه وعليه، له الحق الكامل في مساءلة الدولة عن كيفية التصرف فيها.


والدولة تشعر أيضا بأنها أمام التزام أخلاقي أولا، وقانوني ثانيا، كي تنفق وارداتها ـــ التي هي عرق جبين مواطنيها ـــ في سبيل رخاء شعبها. هذه المعادلة الإيجابية بين الدولة والمواطن نادرة الحصول ليس في دول مجلس التعاون بل في أغلب دول العالم. ليس هناك بلد في العالم تكون الضرائب المباشرة على المواطنين فيه نحو 50 في المائة من الميزانية.


وهذه المعادلة أيضا جعلت المواطن أن يشعر بأن ما يعود للدولة (القطاع العام) من مدارس ومستشفيات وجامعات وغيرها هو بمثابة ملكه الخاص والمعادلة ذاتها جعلت الدولة لا تبت في أي أمر يتعلق بالمواطنين دون استشارتهم من خلال استفتاء أو استبيان وقلما يحدث أن تهمل الدول شكاوى مواطنيها.


ومن هذا المنطلق تضع الدولة معايير محددة ومقبولة ومرضية للأجور ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالحدود الدنيا. فمثلا الحد الأدنى للأجور الشهرية هو نحو ألفي دولار في السويد. هذا الأجر يجب أن يدفعه صاحب العمل من القطاع الخاص أو العام ولا تسمح القوانين، كما هو الحال في مجلس دول التعاون مثلا، استقدام عمالة أجنبية كي تؤدي العمل ذاته بأجر 150 دولارا شهريا مثلا.


الكل ملتزم بالحد الأدنى ولا تمنح أي فرصة عمل لغير مواطني هذه البلدان إلا نادرا وتحت شروط قاسية. وإن حدث أن ازدادت البطالة ولم يكن بإمكان أصحاب العمل منح الحد الأدنى للأجور للعاطلين نتيجة ظروف اقتصادية خانقة، تتدخل الدولة.


وكيف تتدخل الدولة؟ في الحقيقة ما لاحظته في هذا المجال يعد فتحا في إدارة الاقتصاد والتشغيل. تدفع الحكومة السويدية حاليا من خلال مكاتب التشغيل نحو 75 في المائة من الحد الأدنى للأجور لمدة سنتين متتاليتين لأي صاحب عمل يقوم بتشغيل عاطل عن العمل. أي أن صاحب العمل يدفع نحو 25 في المائة من الأجر الشهري لتشغيل العاطل عن العمل وتدفع الحكومة الباقي.


في السنتين الماضيتين تم تشغيل عشرات الآلاف من السويديين بهذه الطريقة.

زيادة التشغيل أدت إلى زيادة الإنتاج والتصدير وزيادة في مدخول الدولة عن طريق الضرائب وبعد سنتين لم يتم الاستغناء إلا عن أعداد قليلة من الذين تم تشغيلهم بهذه الطريقة.

ولهذا ترى أن هذه الدول الثلاث تبز الدنيا في تطورها ونموها وثروتها الهائلة، ومع ذلك هي ليست في حاجة إلى عمالة أجنبية. هل تعلم عزيزي القارئ أن عدد الأجانب في دول مجلس التعاون يقارب عدد سكان الدول الاسكندنافية ؟


الكاتب :- ليون برخو
مدير مركز دراسات ممارسات الإعلام وتأثيرها على المجتمع جامعة يونشوبنك-السويد.

1 التعليقات :

غير معرف يقول...

دفع الضرائب في هذه الحالة أدى إلى خلق جو من المسؤلية الإجتماعية , المواطن تجاه بلده و من جهة أخرى الدولة تجاه مواطنيها ..

لكن لو نفرض أنه تم التخلي عن العمالة الأجنبية في دول الخليج !! سنلجأ إلى نظام الضرائب؟؟

إرسال تعليق