يقوم بعض الراغبين بالدخول للسوق المالي بطلب رهن عقار يملكه مقابل الحصول على مبلغ يتيح له التداول بالسوق لتعظيم ثروته وتتركز نوعية الأصول العقارية المعروضة للرهن بالأراضي حسب ما عرف إلى الآن ويتم تقديم هذه الطلبات للمؤسسات المالية بشكل رئيسي عبر طلب فتح محفظة وتقديم تمويل مقابل رهن الأرض ورغم أن كل القصص التي سمعناها قوبلت بالرفض من قبل تلك المؤسسات.
لكن مجرد تفكير المتداولين أو الراغبين بالدخول للسوق المالي بالعودة مجددا لنفس الخطأ الذي ارتكبه من سبقهم في طفرة السوق السابقة ينم عن ضعف هائل بالثقافة الاستثمارية لدى فئات بمجتمعنا لا تتعظ من خطأ غيرها ولا تعرف معنى تنويع الأصول والاستثمارات.
ولا يختلف عن طالبي رهن هذه الأصول أيضا من يعرضونها للبيع للدخول بالسوق المالي فكلا الفئتين لها هدف واحد انساقوا لتحقيقه بعد أن حقق السوق المالي ارتفاعات منذ بداية العام قاربت 18% وارتفعت السيولة لتتخطى حاجز عشرين مليار ريال للجلسة الواحدة فهم يرون أن السوق الآن أصبح فرصة جيدة لتحقيق الثروة وطبعا المدخل لذلك هو التركيز على المضاربة لأن توقيت القرار من قبلهم أتى بعد أن شاهدوا ارتفاعات بالكثير من الأسهم فاقت ضعف سعرها خلال أشهر قليلة وبعضها حقق عشرة أضعاف، مما يعني أن الهدف ليس التحول للاستثمار أو حتى تنويعه لأن مثل هذا التوجه لا يأتي كردة فعل بل يكون قراراً مدروساً ويتم التعامل معه وفق معايير لا يجهلها المستثمرون ويختارون التوقيت المناسب لها وبوقت مبكر فلو كانوا يرغبون باقتناص فرص في السوق المالي لاتخذوا قرارهم قبل أشهر طويلة.
إن لم نقل عاماً أو أكثر، إن هذه التوجهات التي بدأت تبرز حتى لو على نطاق ضيق أو محدود لكنها قد تكون بداية ستكبر في حال رأى البعض نجاح من اتبعها قبله مما يعني عودة للتوجيه العشوائي للسيولة وتسارع بضخها في السوق المالي والتي غالبا ستتركز بالأسهم المضاربية مما يعني تضخيم أسعارها والمساعدة على توسيع حجم الفقاعة والذي سيتسبب بتصحيح واسع الأثر على تلك الأسهم وستتبخر معه أحلام الثراء لهؤلاء وتتعمق خسائرهم وستنخفض معها فرص تحسين أوضاعهم المعيشية وتأمين مصادر دخل جديدة لهم.
إن عودة هذه الظاهرة السلبية تستدعي النظر فورا بخطط هيئة السوق المالية ببرامج التوعية الاستثمارية التي قدمتها على مدى سنوات سابقة وضرورة عودتها بطرق وأساليب أكثر توسعاً بالطرح للجمهور وأكثر انتشارا من خلال القنوات الإعلامية أو المنتديات التوعوية، كما يستدعي ذلك أن يتم النظر بقواعد سوق التمويل للأسهم والسماح به وفق ضوابط محددة وتحويل المؤسسات المالية لبنوك استثمارية ترتفع معها معايير عملها ويكون لديها المقدرة على التصدي لأي مخاطر محتملة من نشاطها من خلال هيكلها التنظيمي الواسع وكذلك تساهم بالتوعية المالية. عبر تقديم النصح والمساعدة بالتخطيط المالي لعملائها.
السوق المالي فرصة مهمة للاستثمار ويحتوي على قطاعات وشركات ذات عائد مجزٍ والتنويع الاستثماري يعد السوق المالي جزءاً أساسيا بأي محفظة للاستثمار تحوي أصولاً مالية أو عقارية وغير ذلك ولكن تعظيم الفائدة من السوق لا يكون عبر الاندفاع والتوجه له بطريقة عشوائية أياً كانت المغريات بالربح السريع فالطمع يذهب بما جمع وما يملكه الإنسان من ثروة لا بد أن يسعى للمحافطة عليها وتنميتها لأنها ليست له فقط بل لمستقبل أبنائه واستقرار حياته ماديا لفترة ما بعد التقاعد فهذه القرارات الخاطئة يتعدى أثرها الفرد لتصل للاقتصاد الكلي.
الكاتب:- محمد العنقري
0 التعليقات :
إرسال تعليق