في البداية، نادراً ما يكتشف الصيادون مكان طريدتهم، وعادة يقتفون أثرها باتباع علامات أخرى مختلفة، مثل اهتزاز الشجيرات أو آثار الطريدة التي تخلفها وراءها، ولتحديد صحة وسلامة سوق معين، يمتلك المستثمرون المئات من المؤشرات الاقتصادية، ويكمن جزء من المشكلة مع هذه الإحصاءات هي أنها يتم تجميعها عادة بواسطة بعض فروع الحكومة، وتختلف دقتها اختلافاً واسعاً من بلد إلى آخر، ثم يمكن أن يشكل تفسير هذه الإحصاءات تحدياً كبيراً، ويستطيع خبراء الاقتصاد والمحللين المختلفين قراءة معاني متباينة تماماً للأرقام نفسها.
وربما لن يكون هناك بديل أفضل من التشاور مع المستثمرين المحليين، فأثرياء أي بلد عادة ما يكون لديهم فهم عميق للاقتصاد المحلي، سواء أكانوا يديرون شركات فعلاً أم لديهم اتصالات، وفي الحالتين ستكون لديهم المعلومات ذات الصلة التي لن تكون متاحة للمستثمرين الأجانب، ولن يكون الكثير من هذه المعلومات معروفاً، وذلك لأن المستثمرين المحليين لا يرغبون على الإطلاق في كشف أنشطتهم للسلطات، لكنهم يخرجون عن المسار.
وأحد المؤشرات الأكثر إثارة، للاهتمام، هروب رأس المال، فإذا كان المستثمرون المحليون يخرجون، ربما ليست فكرة جيدة للأجانب أن يدخلوا، ويعتبر هروب رأس المال، مثل الديون المشكوك في تحصيلها، أحد المؤشرات الرئيسة في نهاية فقاعة الائتمان.
وأحياناً تكون علامات هروب رأس المال واضحة وبالإمكان التنبؤ بها، فمع تعثّر سداد الديون السيادية اليونانية وتحوّل عضويتها في اليورو إلى مسألة وقت فقط، من غير المستغرب أن تتدفق الأموال خارج هذا البلد لإيجاد ملاذات آمنة، ووفقاً لأحدث الإحصاءات شهدت ودائع البنوك اليونانية تدفقات خارجة بنحو 65 مليار يورو، أي نحو ثلث مجموع الودائع، على مدى العامين الماضيين.
كما أنه لن يكون من المستغرب أن نشهد نزيف المال في بعض بلدان أمريكا اللاتينية غير المستقرة، وفي الأرجنتين تشير التقديرات إلى أن هروب رؤوس الأموال بلغ نحو 3 مليارات دولار في الأشهر الأخيرة، ودفع هذا الأمر الحكومة إلى وضع ضوابط أكثر صرامة من أي وقت مضى، ويجب على المواطنين الآن تبرير كل عملية شراء للعملة الأجنبية.
وقد أممت سياسات هوغو شافيز في فنزويلا، مئات من الشركات، وهو ما خفّض الصادرات غير النفطية، ويقدّر هروب رأس المال بنحو 28 مليار دولار شهرياً، وهذه الكلفة لهروب رأس المال، إضافة إلى 11 مليار دولار من خدمة الدين، و100 مليار دولار من الواردات، جعلت من الصعب على فنزويلا أن تتمكن من سداد تكاليف خدمة ديونها ما لم يستمر ارتفاع أسعار النفط.
وقد يتصور المرء أنه مع أسعار النفط المرتفعة نسبياً سوف تكون روسيا، إحدى دول تجمع «بريك» الذي حول تجمع البرازيل وروسيا والهند والصين، مكاناً جيداً للاستثمار، لكن ليس ذلك صحيحاً وفقاً لإحصاءات هروب رأس المال، فقد بلغ هروب رأس المال في العام 2011 نحو 84 مليار دولار، أي مرتين ونصف ضعف الأموال التي هربت في العام 2010، وحتى مع ارتفاع أسعار النفط، انخفضت قيمة الروبل بنسبة 5 بالمئة.
ووفقاً لما ذكره ميخائيل فريدمان أحد أصحاب المليارات المحليين، فإن مناخ الاستثمار السيئ في روسيا وعدم وجود حماية لحقوق المستثمرين قد جعل العالم المتقدم، وتحديداً الولايات المتحدة، مكاناً أفضل بكثير للاستثمار.
وكانت البرازيل حتى وقت قريب مكاناً جيداً لاستثمار المال، ولكن الأمور تغيرت، فقد ساعد البرازيليون وغيرهم من مواطني أمريكا اللاتينية، على الحد من ارتفاع سوق الشقق في ميامي، وانخفض سعر القدم المربعة الواحدة إلى 200 دولار، وبفضل هروب رأس المال ارتفع إلى 300 دولار، ويسعد الباعة في ميامي خصوصاً رؤية المشترين الأجانب، وذلك لأن 85 بالمئة من البرازيليين يدفعون نقداً.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، تحسنت الأسواق بشكل كبير بسبب ما اعتبرت أرقاماً إيجابية قادمة من الصين، إذ نما الناتج المحلي الإجمالي الصيني بمعدل 8.9 بالمئة، وفسر ذلك على نطاق واسع كدليل على أن الصين تتباطأ تدريجياً، وأن السلطات الصينية دبرت الهبوط بسلام لاقتصادها المزدهر، وتروي طاولات القمار في ماكاو قصة مختلفة.
ولا يمكن لكثير من أثرياء الصين إخراج الأموال مباشرة إلى خارج البلاد، أو استبدال اليوان بعملة أخرى، ولذلك يستخدمون وسائل أخرى، ولم يظهر نجاح مستعمرة ماكاو البرتغالية السابقة على حب لعب القمار فحسب، ولكن أيضاً على تدفق الأموال العصبية خارج الصين، وأصبحت ماكاو بالفعل أكبر بأربع مرات من أقرب منافسيها، لاس فيغاس، وقد زار ماكاو أكثر من 13.2 مليون من أهالي البر الرئيس في الأشهر العشرة الأولى من العام 2011، وفي انتظارهم كثير من الطرق المختلفة لغسل الأموال، وفقاً لما ذكره أستاذ جامعي محلي «أكثر من يمكن أن نفكر به».
والأمر لا يتعلق فقط بلعب القمار، ففي نوفمبر زادت المشتريات الصينية من الذهب بنسبة 20 بالمئة، وأكد محللون أن الزيادة ترجع إلى الانخفاض الطفيف في السعر، أو أن استهلاك المجوهرات قد ارتفع في انتظار هدايا احتفالات العام الجديد،لكن ربما كان التفسير الحقيقي هو الاحتماء من فشل الاقتصاد.
وفي كل من هذه الأسواق من المهم أن ننظر في المؤشرات الاقتصادية
الكاتب :- ويليام غامبل رئيس - إيميرجينغ ماركينينغ ستراتيجيز
0 التعليقات :
إرسال تعليق