تابع جديد المدونة عبر:

مفاهيم ومقولات في الأسهم

بعض المفاهيم المتعلقة بحركة الأسهم والتعامل بها بهدف حث القارئ على التفكير في هذه المفاهيم التي تبدو أحيانا بديهية وهي ليست كذلك.

معنى العشوائية

يُعتقد أن حركة الأسهم تتم بطريقة عشوائية بحتة، وذلك انطلاقا من فرضية كفاءة السوق التي تقول: إن أية محاولة للتغلب على أداء السوق تعتبر محاولة بائسة وغير منطقية. لذا فمن يؤمن بهذه الفرضية يرى أن أفضل شيء يمكن القيام به هو السير مع السوق ككل، أي بشراء أسهم السوق ككل أو عينة كافية منها.


ماذا لو أن شخصا قام بتداول أحد الأسهم بطريقة عشوائية بحتة لمدة عشر سنوات، بحيث يشتري ويبيع دون سبب ودون أي تحليل، ودون حتى النظر إلى سعر السهم أو الاستماع إلى أي خبر أو معلومة عن هذا السهم؟ ما الأداء المتوقع لهذا الشخص في نهاية السنوات العشر؟ هذا سؤال كنت أسأله للمتدربين في دورات الأسهم لإيضاح معنى العشوائية، فهل نتوقع أن هذا الشخص الذي يشتري ويبيع بشكل عشوائي كل أسبوع أو كل عدة أيام سيخسر في نهاية السنوات العشر؟ أم أنه سيخرج رابحا؟ الجواب الصحيح أنه لا يمكننا القول: إنه سيخرج خاسرا ولا رابحا، فهل نقول إذا: إن رأسماله سيبقى كما هو دون تغير؟ الجواب الصحيح أننا لا نستطيع ولا حتى قول ذلك.

إذا هل نقول: إن أداء الشخص سيكون عشوائيا بحيث إنه قد يربح وقد يخسر وقد لا يتغير رأسماله؟ الجواب الصحيح الذي قد يستعصى على البعض فهمه أنه حتى في هذه الحالة الجواب الصحيح أنه لن يربح ولن يخسر ولن يبقى رأسماله كما هو، ولا أن نتيجة أدائه ستكون عشوائية! كيف يمكن تفسير ذلك؟

الجواب العلمي الصحيح هو أن أداء الشخص سيكون شبيها إلى حد كبير بأداء السهم أو الأسهم التي تم تداولها ؟


أي أنه غير صحيح أن نقول: إن من يضارب بطريقة عشوائية سيربح، ولا أن نقول: إنه سيخسر، ولا أن نقول: إن رأسماله لن يتغير، ولا أن نقول: إن نتيجته ستكون عشوائية، بل الصحيح أننا نعلم أن نتيجته ستكون مشابهة إلى حد كبير لأداء السهم الذي كان يضارب فيه. فإن كان السهم بعد عشر سنوات حقق ارتفاعا بمقدار 100 في المائة، فنتوقع أن يكون أداء الشخص قريبا لهذا الأداء، وهكذا.

لاستيعاب هذه الفكرة تخيل لو أن السهم الذي يضارب به الشخص أخذ في الارتفاع بخط مستقيم منذ أول يوم صعودا إلى الأعلى، أي أنه في كل يوم يغلق بسعر أعلى من اليوم السابق.


فهل تعتقد من يشتري ويبيع بطريقة عشوائية بحتة سيخسر على الإطلاق؟ بالطبع لا، لأنه في كل مرة يشتري لا بد أن يبيع بسعر أعلى من سعر الشراء، لأن سعر السهم في هذا المثال الافتراضي لا ينخفض أبدا.

إذاً، هنا نرى كيف أن من يشتري ويبيع بطريقة عشوائية يحقق أحيانا نتيجة جيدة، ليس لأنه مدرك لما يقوم به أو لأن لديه طريقة جيدة، لكن لأن السهم نفسه ''أو السوق ككل'' سار باتجاه صاعد.


لذا فإن من يؤمن بأن الأسهم تتبع مسارا عشوائيا ''كما يظنه الذين يرون أن سوق الأسهم تتمتع بكفاءة عالية'' ليس لهم إلا تنويع استثماراتهم بحيث يتطابق أداؤهم مع أداء السوق.

شروط الربح

هل تعتقد أنه من الضروري على شخص اشترى وباع 100 مرة أن يكسب في 51 مرة أو أكثر من هذه المرات ليخرج رابحا في النهاية؟ الجواب بالطبع لا.


إذاً هل يمكن أن يخسر الشخص في 51 مرة من هذه المرات أو أكثر ويخرج رابحا في النهاية؟ الجواب أن بالإمكان أن يخسر الشخص 99 مرة ويربح في واحدة فقط من هذه المرات بمقدار يكفي لتغطية ما خسره في 99 مرة، ويخرج رابحا في النهاية.

هذه النقطة تعني أن الشخص الذي يبيع أسهمه بأقل قدر من الخسارة، وعندما تسير الأمور في الاتجاه السليم يحتفظ بالسهم فترة طويلة، يمكنه أن يحقق نتيجة جيدة، حتى إن باع واشترى بطريقة عشوائية! أي أن بالإمكان الشراء بطريقة عشوائية، لكن مع الالتزام بالتخلص من السهم فيما لو بلغت الخسارة حدا معينا -مثلا 10 في المائة- وفي الحالات التي يكون فيها السهم في مسار صاعد، يُحتفظ بالسهم لتحقيق أرباح كبيرة.


 هذا لو أن الشخص اشترى بطريقة عشوائية، أما لو أن الشخص انتهج أساليب معينة لانتقاء الأسهم، سواء بالتحليل المالي أو الفني أو معا، فإن فرص الربح ستكون أعلى ومقدار الخسارة سيكون أقل. هذا المفهوم هو ما نسمعه في المقولة المشهورة التي مفادها أن على الشخص إيقاف الخسارة بسرعة وترك الأرباح تأخذ وقتها، وهي مقولة مفيدة ومنطقية.

الشائعة والخبر

هناك مقولة: ''اشتر على الشائعة وبع على الخبر''، وهي مقولة صحيحة والمقصود بها أنه في كثير من الأحيان يتصاعد السهم، لأن هناك شائعة أو تسربا لخبر قد يصدق أو لا يصدق في النهاية، لكن المؤكد أن الناس يشترون عند ظهور بوادر الخبر وانتشاره، لذا فمن الأفضل الشراء معهم. لكن لا بد من البيع حالما يتأكد الخبر ويخرج على الملأ، لأن من اشترى قد حصل على ما كان ينشده من ربح، وبالتالي فهو الآن يبحث عن مشتر لأسهمه ليتمكن من البيع وتحقيق الربح الفعلي وليس الورقي. ويمكن فهم هذه المقولة على أنه بعد أن يتأكد الخبر يكون السهم قد تجاوب بما فيه الكفاية مع إيجابية الخبر، ولم يعد هناك مجال للارتفاع. أو بشكل آخر، إن جميع من كان يرغب في الشراء قد اشترى في الواقع، ولم يعد هناك المزيد من المشترين، فلا بد للسهم أن يهبط.

السكين الساقطة

لو أن شخصا قام بقذف سكين حادة من سطح مرتفع، فمن الأفضل عدم محاولة مسكها قبل أن تسقط وتستقر تماما على الأرض، وعندها يمكن التقاط السكين بهدوء من نصالها، وإلا فإن السكين ستجرح يد ملتقطها. والمقصود بهذه المقولة أن محاولة شراء سهم ساقط قد تكون مكلفة، حيث يحدث كثيرا أن يستمر السهم في السقوط ولا يرتد بسرعة، لذا فالأفضل انتظار السهم حتى ينتهي البيع الذي يمر به ويبدأ ببناء قاعدة جديدة يمكن الشراء عندها.

نكتفي بهذه المفاهيم على أمل أن يكون هناك مجال آخر لاستعراض مفاهيم أخرى مفيدة تحث على التفكير والانتباه لبعض الأخطاء التي نرتكبها كمتداولين.



الكاتب :-د. فهد بن عبد الله الحويماني

1 التعليقات :

Unknown يقول...

كلام صحيح 100% جزاك الله الف خير

إرسال تعليق