تابع جديد المدونة عبر:

الإفصاح والشفافية عاملان رئيسيان لتعزيز ثقة المستثمرين والمتعاملين بالسوق المالي

  إن تواتر استقرار ونمو الاقتصاد المحلي يوازيه نمو كمي ونوعي في اقتصاد السوق المالية ويرفع من درجة التنافس الطبيعي بين الأطراف ذات العلاقة مما يفرض ويستلزم رفع درجة فعالية التدقيق في نشاط أداء الشركات كمطلب حيوي وضروري.
بيد أن الإفصاح والشفافية يظلان العوامل المحورية والمرتكزات الرئيسية في توفير المعلومات الحيادية والدقيقة كمسألة ضرورية وجوهرية وإلزامية بغض النظر عن أي مسائل خلافية حول مستوى التوازنات المقبولة شكلاً أو موضوعاً بين الأطراف صاحبة المصلحة من جهة وإدارات الشركات المعنية من الجهة الأخرى.

لذا من هذا المنطلق وجب على الشركات التي تسعى للحصول على زيادة رؤوس أموالها وأن تحقق أكبر قدر من السيولة عن طريق اجتذاب المستثمرين لتمويل التوسع في أنشطتها واكتساب ثقتهم بالاحتكام الى متطلبات الشفافية والإفصاح في الكشف عن حساباتها وأنشطتها لكسب ثقة المساهمين الذين لا يعلمون عن عملياتها القدر الكافي للحكم على توازن الاستثمار فيها، وبالتالي دعم أنشطتها المستقبلية.

ولكن يتصور بعض أطراف العلاقة وخاصةً ( الشركات العامة) أن الشفافية الزائدة ربما تعود بالضرر على الشركة بسبب التكلفة الإضافية اللازمة لإصدار المعلومات وكشف نشاطها وعملياتها للمنافسين.

أما الشركات المغلقة والصغيرة التي يسيطر عليها عدد محدود من المساهمين أو أفراد العائلة (وهذه الأكثر شيوعاً لدينا بالمملكة) فإنها لا تواجه نفس مطلب الشفافية كالشركات العامة. ولكن سيكون من الصعوبة عليها دخول السوق المالي والحصول على الموارد المالية والمستثمرين بسبب انعدام الشفافية في أعمالها.ولكن نعود ونذكر أن الشفافية ليست الهدف في حد ذاتها، بل ما يترتب من تكلفة على توفير المعلومات الدقيقة.وهذا ما تقوم به هيئة السوق المالية من التأكد والإفصاح عن المعلومات لخدمة جميع الأطراف ذات المصلحة وخدمة المصلحة العامة مقابل مراعاة التخفيض من التكلفة المرتفعة لتجميع المعلومات وتحليلها واستخدامها كأدوات وتقارير استرشادية للمستثمرين.

من هم أصحاب المصالح في الإفصاح:

عند دراسة أطر الإفصاح فإنه يجب مراعاة جميع تلك المصالح وذلك لتعزيز ثقة الأطراف في السوق مع وجود ضمان كاف فعال لضمان الإفصاح بأسلوب دقيق وسريع وإلا سيكون عديم الجدوى دون ضمان توازن المصالح بين المستثمرين والآليات الفعالة لتنفيذ متطلبات الإفصاح.

فمن هنا فإن أصحاب المصالح وهم (الإدارة ومجلس الإدارة والمساهمون والشركاء والعملاء وجهات الائتمان والدولة ممثلة في هيئة السوق المالية ) فإن مطلبهم الرئيسي أن تكون الشركات أكثر إفصاحاً ليس في التقارير المالية فقط ولكن أيضاً حول أدائها في القضايا الاجتماعية والأخلاقية والبيئية.

فمن هذا المنطلق فإن للإفصاح أنواعاً منها ، إفصاح إلزامي والإفصاح الطوعي، وسنتحدث ولو بالقليل عن كل منهما.

الإفصاح الإلزامي:

تفرض الدولة متمثلة في هيئة السوق المالية على الشركات العامة (مصدري الأسهم) شروطاً للإفصاح عن معلومات حول نشاطها وعملياتها فيما يضمن الحق المتساوي في الحصول على أدنى حد من المعلومات.

فمعظم الأنظمة تم تصميمها لحماية المستثمرين وسلامة السوق فبدونها لا يستطيع المستثمر ان يطمئن على أمواله وأنه حصل على سعر عادل في البيع أو في الشراء.

وتختلف الدول في معايير الإفصاح لتلبي احتياجها ولكن هنالك معايير للإفصاح يجب وضعها في إطار إلزامي، فيجب أن توفر الشركة المصدرة للأسهم حداً أدنى من المعلومات للمستثمرين طبقاً لقواعد السوق، وذلك قبل الطرح الأولي.
وبعد ذلك يجب أن يكون هنالك إطار للإفصاح الدوري حتى يتمكن الملاك والمستثمرون وأصحاب المصالح في تقييم استثماراتهم ومدى سلامتها.

فلهذا يجب أن تفرض هيئة السوق المالية على الشركات المسجلة الحد الأدنى من الإفصاح للحفاظ على سلامة الأصول.
وفي نفس الوقت يجب على الشركات الإفصاح للعموم عن المعلومات غير المتاحة للعامة مثل (بيع أصول أو شراء أصول أو استثمار في شركات أو محافظ محلية أو دولية).

الإفصاح الطوعي:

أصحاب المصالح كثيراً ما يتابعون استثماراتهم وذلك بالبحث ومحاولة الحصول على معلومات زيادة على المعلومات التي يتطلبها الإفصاح الإلزامي ومنها التوقعات والتقديرات وفي كثير من الأحيان تكون هذه أهم من الإفصاح الإلزامي غير أن كثيراً من تلك التوقعات قد تؤدي إلى كثير من التضليل.

لذا أعتقد أنه من الواجب على هيئة السوق المالية تشجيع الشركات للإدلاء بالتصريحات والبيانات حول المستقبل وذلك بتحفيزهم على توفير المعلومات الدقيقة حول الأنشطة المستقبلية على أن تحدد العناصر الهامة التي من شأنها تفعيل النتائج الإيجابية بالنسبة للنتائج المتوقعة.

قد يكون هناك لبعض المستفيدين من أفراد أو محللين ماليين أو مؤسسات استثمارية علاقة بإدارة الشركة وبسببها يتمكنون من الحصول على معلومات غير متاحة للآخرين أو العامة لذا فإنه من الضروري أن تدرس جميع نظم الإفصاح وخاصة الإفصاح الانتقائي وفي بعض الأحيان (خاصة في مجال المؤسسات المالية) تكون المحافظة على سرية بعض المعلومات مطلباً للجميع توازي بقيمته سرية إفصاح الشركة.


الشفافية والمتعاملون بالسوق:

إن المستثمرين وخلال السنوات القليلة الماضية يطالبون بدرجة أكبر من الإفصاح وخاصة أن قدرة الشركات على إتاحة المعلومات وفي زمن قصير جداً متاح من خلال التقنيات الحديثة المتعددة.

وهذه القدرة المضافة لها سلبياتها أيضاً حيث يجب على الشركات الحذر وتقليل المخاطر التي قد تنتج عن الإفصاح عن المعلومات بشكل غير متعمد أو بشكل غير مرغوب فيه.

لذا فيجب على المسئولين بالشركات القيام بفحص المعلومات وتحديد الدقيق منها عن الخاطئ. وبينما تتصاعد اقتصاديات السوق النامية بشكل عام نحو زيادة المصارحة والشفافية المطلوبة من الشركات يكون من المناسب والضروري بناء حدود لذلك من أجل حماية الشركات من الإفصاح غير اللازم أو الضروري والإفصاح الذي يضيف عبئاً مادياً من خلال التكلفة الإضافية.

في كل الأحوال الإفصاح والشفافية مطلب أساسي ضروري لبناء ثقة المستثمرين والمتعاملين بالسوق على أساس إعطاء الفرصة للجميع للحصول على المعلومات الدقيقة وبوقت كاف وبآلية سليمة واضحة وفي حدود التنظيمات التي وضعتها هيئة السوق المالية الإلزامية والطوعية على أن تشمل المساءلة والمحاسبة كل من يحاول إخفاء أو إضفاء المعلومات عن مصالح مختلف الأطراف ذات المصلحة وخدمةً للمصلحة العامة.


الكاتب:- صالح الفالح

0 التعليقات :

إرسال تعليق