وجدت هيئة أسواق المال صيغة قانونية للتعامل مع ما وصفته بـ «الفراغ اللائحي والتنظيمي» في البورصة، الناجم عن عدم إنجاز خصخصة البورصة وتوفيق أوضاعها ضمن المهلة القانونية المحددة في قانون الهيئة رقم 7 لعام 2010.
الصيغة، كما وردت في مذكرة لهيئة الأسواق اطلعت عليها «الراي»، تقضي بالإقرار بإلغاء مرسوم تنظيم سوق الكويت للأوراق المالية لعام 1983، اعتباراً من 13 مارس 2012 (أي بعد مرور سنة على صدور اللائحة التنفيذية لقانون هيئة الأسواق)، لكن في المقابل «تبقى جميع الأنظمة واللوائح الداخلية للسوق نافذة المفعول إلى أن يتم إلغاء العمل بها نهائياً أو أن يتم تعديلها بموافقة الهيئة (...) إلى حين انتهاء الفترة الانتقالية أو إلى حين تمام تحوّل السوق إلى شركة البورصة، أي التاريخين أبعد».
ولعل أهم تطبيقات هذا «التكييف القانوني» لحالة الفراغ، يكمن في «خطوط التماس» التي رسمتها هيئة أسواق المال بين صلاحياتها وصلاحيات البورصة الرقابية إلى ان تتأسس شركة البورصة (الخاصة).
فقد أعلنت الهيئة بوضوح استمرار عمل لجنة النظر في المخالفات التابعة للجنة السوق طيلة فترة توفيق الأوضاع أو تأسيس البورصة، على أن تنحصر صلاحياتها في «تأديب أعضاء السوق فقط» (الشركات المدرجة والصناديق الاستثمارية والوسطاء)، من دون إحالة المخالفات إلى النيابة.
كما يكون للسوق التقدم الى «الهيئة» بشكوى ضد عضو السوق المخالف الذي يشتبه في ارتكابه جريمة، وذلك لكي تتحقق الهيئة من ذلك، وللهيئة إحالة الموضوع الى النيابة العامة.
اما بعد انقضاء فترة توفيق الأوضاع أو تأسيس شركة البورصة، أي التاريخين أبعد، يكون للبورصة استناداً الى نص المادة (42) من القانون رقم 7 لسنة 2010 مهام تأديب أعضاء البورصة وايقاع الجزاءات التأديبية بالنسبة لأعضاء البورصة بالنسبة للمخالفات التي تقع من أي منهم في البورصة، ويتعين على البورصة إخطار الهيئة بتلك الجزاءات التأديبية. ويكون التظلم الى الهيئة من تلك القرارات (مادة 43 من القانون).
ونصت الهيئة على أنه «لا يحق للبورصة- بعد انقضاء فترة توفيق الأوضاع أو تأسيس شركة البورصة - الشكوى الى النيابة عن أي مخالفات تقع من أعضاء البورصة أو من غيرهم. ويكون للبورصة في حالة اكتناف المخالفة الواقعة من أحد أعضائها شبهة جريمة، ابلاغ ذلك الى الهيئة في صورة شكوى، وذلك في إطار اختصاص الهيئة بتلقي الشكاوى.
أما بالنسبة لاختصاصات الهيئة، قبل انتهاء فترة توفيق أوضاع السوق أو تأسيس شركة البورصة فتكون مهامها الرقابية كالاتي:
1- في مجال التأديب، لهيئة الأسواق جميع المهام الرقابية على جميع الخاضعين لرقابتها طبقاً للقانون واللائحة كالأشخاص المرخص لهم وغيرهم. ومع الأخذ في الاعتبار استمرار اختصاص السوق بتأديب أعضائها عن مخالفتهم في السوق، وذلك في تلك الفترة الانتقالية.
2- في مجال الإحالة الى النيابة العامة، يكون للهيئة تلقي الشكاوى عن الأفعال التي قد تشوبها جريمة، وأيضاً احالتها الى النيابة، وذلك بالنسبة لأي من الأشخاص الخاضعين لرقابتها طبقاً للقانون واللائحة.
3- كما تتلقى الهيئة الشكاوى من السوق عن أي أفعال واقعة من أحد أعضاء السوق ويمكن أن تشكل شبهة جريمة، وإحالتها الى النيابة. حيث لا يكون للسوق القيام بذلك في خلال تلك الفترة رغم أن المادة (60) من لائحة نظام النظر في المخالفات لدى السوق كانت في الأصل تخول السوق هذه السلطة، وذلك لأن الدور الرقابي للسوق في مجال الاحالة للنيابة انتهى وأصبحت الاحالة اختصاصاً أصيلاً للهيئة.
وبالنسبة لما بعد انتهاء فترة توفيق الأوضاع أو تأسيس شركة البورصة، أي التاريخين أبعد حددت المهام في الآتي:
ا- في مجال التأديب، يكون للهيئة اختصاص استئثاري أي من الاشخاص الخاضعين لها. وبالنسبة للجزاءات التأديبية التي تتخذها البورصة ضد أحد أعضائها لمخالفة في البورصة، يكون للهيئة بقرار منها أو بناء على تظلم يقدمه المتظلم (من أعضاء البورصة) خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره كتابة بالقرار إحالة الموضوع الى مجلس التأديب ليتولى مراجعة الاجراء التأديبي وفق نظام المراجعة المعتمد لديه من الهيئة، وللمجلس التأديبي لدى الهيئة أن يؤيد قرار البورصة أو يعدله أو يلغيه بقرار مسبب (مادة 43 من القانون).
ب-في مجال الإحالة الى النيابة العامة، يكون للهيئة إحالة أي شكوى عن أي مخالفة ترى أنها قد تشكل فعلاً مؤثماً جزائياً طبقاً للقانون الى النيابة العامة لجميع الأشخاص الخاضعين للرقابة أو غيرهم، حتى بالنسبة للأفعال التي قد تشكل شبهة جريمة والتي تقع من أعضاء البورصة، حيث ينتهي اختصاص البورصة في هذا الشأن بعد انقضاء فترة توفيق الأوضاع أو تأسيس شركة البورصة بالنسبة لهؤلاء الأعضاء.
من يراقب ؟
ومن شأن مذكرة هيئة الأسواق أن توضح التباساً مستمراً منذ 12 سبتمبر 2011، التاريخ الذي كان من المفترض أن تنتهي فيه صلاحيات البورصة الرقابية.
وأشارت الهيئة في مذكرتها إلى أن «المادة (155) من القانون رقم 7 لسنة 2010 تنص على ان تنتقل المهام الرقابية المقررة في القانون المذكور الى الهيئة خلال ستة اشهر من تاريخ نشر اللائحة التنفيذية للقانون، وبما مفاده ان تنتقل تلك المهام الى الهيئة في تاريخ 2011/9/13 حيث تم نشر اللائحة التنفيذية في 2011/3/13، وبعد 2011/9/13 ينتهي الدور الرقابي للجنة السوق (في جانبه الرقابي) كما لا يجوز للبورصة التي تحل محل السوق، وكذلك لايجوز للجنة السوق بعد التاريخ المذكور مباشرة اي اختصاصات رقابية قررها القانون ولائحته التنفيذية للهيئة».
وسبق للهيئة أن أوضحت أن أعمال الرقابة اليومية على التداولات ستبقى من مهام إدارة البورصة على أن ترفع تقارير دورية في شأنها إلى «هيئة الأسواق»، وشكاوى في شأن ما تقع عليه من مخالفات.
ويقول متابعون إن الجهاز الإداري والتنفيذي للهيئة ليس كافياً لمباشرة أعمال الرقابة اليومية على ما يجري في السوق، وبالتالي ليس أمام الهيئة إلا الاعتماد على جهاز الرقابة في إدارة البورصة، التي لا يعطيها قانون «هيئة الأسواق» أي صلاحيات رقابية !
رقابة بلا «مجلس تأديبي» ؟
تقول «هيئة الأسواق» إن اختصاص الهيئة «أصيل» في أعمال الرقابة والتأديب وضبط المخالفات، «بما يشمل وضع قواعد الرقابة والتنظيم الذاتي في نشاط الأوراق المالية، وتوفير النظم الملائمة للمتعاملين والحد من الممارسات غير القانونية في نشاط الاوراق المالية والقيام بجميع الإجراءات التي من شأنها الكشف عن الجرائم المنصوص عليها في القانون، وتلقي الشكاوى بشأن المخالفات والجرائم المنصوص عليها في القانون، وغير ذلك مما ورد في القانون المذكور في هذا الخصوص».
وحددت الخطوط العريضة لاختصاصها الرقابي بما يلي:
(أ) تلقي الشكاوى المقدمة في شأن المخالفات والجرائم المنصوص عليها في القانون.
(ب) التحقيق الإداري في شأن تلك الشكاوى.
(ج) إحالة الموضوع إلى مجلس التأديب إن رأت الهيئة لزوم هذا الإجراء.
(د) تقوم الهيئة بكافة الاجراءات التي من شأنها الكشف عن أي جريمة منصوص عليها في القانون.
(هـ) إحالة الشكاوى الجنائية إلى النيابة العامة في كل واقعة يشتبه في كونها جريمة سواء وقعت في مواجهة الهيئة أو المتعاملين في نشاط الأوراق المالية.
ومن هذا السرد يتضح أن «التحقيق الإداري» والإحالة إلى «المجلس التأديبي» مرحلتان أساسيتان في التدرج الرقابي قبل الإحالة إلى النيابة.
لكن ما يتوقف عنده المراقبون أن «المجلس التأديبي» غير موجود أصلاً، والتحقيق الإداري قد لا يأخذ فاعليته الكاملة في ظل النقص في الجهاز التنفيذي لهيئة الأسواق.
وهذا يعني أن المخالفات إما أن تذهب إلى النيابة مباشرة أو تبقى في الأدراج.
والأرجح أن هذه الثغرة لن تجد حلاً قبل أن يكتمل تسكين موظفي البورصة في الهيئة، بما يستتبع ذلك من اتضاح الهيكل الإداري فيها.
المصدر: الرأي الكويتية
0 التعليقات :
إرسال تعليق