تابع جديد المدونة عبر:

صور في آليات اتخاذ القرار

الكل منا يمر بوضع يحتاج فيه إلى اتخاذ قرار بشأن شخصه، أو أسرته، أو الجهة التي يعمل فيها، ومن الأهمية معرفة الآلية أو الآليات التي تتخذ من قبل متخذ القرار ذلك أن الآلية إما أن تضعف القرار أو تقويه وتنضجه. ترى ما الآليات التي تتخذ من قبل متخذي القرار؟ ولعله من المناسب الإشارة إلى أن الشركات أو الدوائر الحكومية قد يكون نص نظامها على آلية اتخاذ القرار ومن المسؤول عنه هل أنيط بمجلس أو بفرد أو بلجنة. من الملاحظات الشخصية مع من تم التعامل، وكذلك من خبرة شخصية وجدت أن نوع القرار والنتائج المترتبة عليه لها دور في الآلية التي يلجأ إليها الفرد عند اتخاذ القرار، ذلك أن القرار الحاسم وذا التأثير في طرف آخر قد يستدعي آلية غير تلك التي قد تتخذ عندما يكون القرار خاصاً بالشخص الذي يتخذ القرار.

صور كثيرة لآليات اتخاذ القرار، أولها أن يكون القرار فردياً بحتا، حيث يتخذ دون مشورة لأحد، وفي هذا مخاطرة فيما لو أن القرار ذا تأثير بالغ على الآخرين حيث تم رفضه والاحتجاج عليه وعدم تنفيذه، أو تأخير تنفيذه، ما يحدث أضرارا كثيرة في المؤسسة أو الإدارة. أما الصورة الثانية من آليات اتخاذ القرار فهي أن يقوم متخذ القرار بمزج آراء بعض أفراد أسرته، أو بعض العاملين معه في المرفق سواء كانوا من ذوي الخبرة، أو من المقربين إليه، ومن الذين قد تجمعهم به مصالح ما. وهذه الصورة أرقى من سابقتها، حيث يستأنس متخذ القرار بآراء الآخرين، ومشورتهم، ومن ثم اتخاذ ما يراه مناسباً، وقد لا يكون القرار مناسباً كما يتوقع، لكن الآلية في هذه الحالة مناسبة إلى حد ما حيث تعطي فرصة لمعرفة ماذا يريد الآخرون، أو ماذا يتوقعون، ويراعي من سيتخذ القرار هذه المشاعر والرغبات ويأخذها في الحسبان، وقد يخفف بذلك من وقع القرار الذي قد يكون مؤلماً فيما لو تم اتخاذه بمعزل عن مشورتهم.

الآلية الثالثة في اتخاذ القرار هي أن يناط القرار بمجلس أو هيئة يعهد إليها اتخاذ القرار مجتمعة، ودون تفويض لأحد، وذلك كما في حالة مجالس الإدارات في الشركات، أو مجالس الأمناء، حيث النظام ينص على أحقية المجلس دون غيره باتخاذ القرار، وما من شك في أن هذه الصورة أرقى حتى إن كان القرار غير صائب رغم أن فرصة نضجه ومناسبته أقرب من غيرها، حتى لو كان غير مناسب ولا يلبي تطلعات من سيتخذ القرار بشأنهم فلن تكون الملامة على فرد بعينه، خاصة أنه شارك في اتخاذه أفراد عدة بخلفيات، وخبرات، وربما تخصصات مختلفة، هذه الصورة تعطي فرصة لنقاش ومداولات بشأن القرار ومن ثم يتخذ القرار من خلال التصويت ليتم اعتماده وتنفيذه فيما بعد.

الصورة الرابعة من صور آليات اتخاذ القرار هي أن يعهد تجهيز القرار للجنة تقوم بجمع المعلومات، والحيثيات، والدراسات والبحوث التي قد تفيد في اتخاذ القرار، وهذه الصور تماثل ما تقوم به مراكز البحوث، أو ما يسمى مراكز تجهيز القرار، حيث يقدم القرار إلى رئيس الدولة ومن ثم يصدر القرار باسمه، أو قد يكون له رأي آخر في تعديل القرار، أو تأجيله، أو إلغائه حسبما يراه، أو حسبما يكون قد توافر لديه من معلومات ذات علاقة بالقرار.

لا شك أن اتخاذ قرار يحدث لدى متخذه حالة من الاستنفار والقلق، خاصة إذا كان متخذ القرار يتحرى الموضوعية، والدقة والعدل، ولذا فإن إشراك الآخرين عند اتخاذ القرار سواء من الاستمزاج لآرائهم أو من مشاركتهم الفعلية، سيكون أفضل من اتخاذ قرار بصورة فردية تغفل رأي وخبرة الآخرين التي قد تكون عوناً على اتخاذ القرار الصائب الذي يحقق المصلحة المرجوة من القرار.

الكاتب :- د. عبدالرحمن الطريري


0 التعليقات :

إرسال تعليق