تابع جديد المدونة عبر:

الدور المناسب للرقابة

أعتقد يقيناً بأهمية التعامل بموضوعية مع الملوك والرؤساء والحكام والقضاة، وذلك عندما يتعلق الأمر بإطاعة القوانين والالتزام بها والحفاظ عليها.

وقد يبدو ذلك مناقضاً للتفكير السائد بين الجماهير، أو حتى منافياً لحقوق الإنسان، لكن صدقوني، إن الأمر غير ذلك.

إن الرقابة مسألة صحية ومناسبة، بل يمكن أن نعدها جيدة لممارسة الأعمال التجارية، وفضلاً عن ذلك أعتقد أن الرقابة ضرورية، وتصرف حكيم.

لننظر الآن إلى الطريقة التي يتم من خلالها استخدام الرقابة في مجال التسويق، إننا نطلق على تلك العملية مصطلح «إدارة العلامة التجارية»، وندافع عنها بقوة شرسة، ونسمع الكثيرين وهم يقولون «أيها السيد المدير، يمكنك استخدام هذه الكلمات، وهذا النوع من الخطوط وهذه الألوان فقط، وإذا كنت تواجه مشكلة في ذلك، يجب عليك اتباع المبادئ التوجيهية، وإلا سأضطر إلى الاستغناء عن خدماتك، ويمكنك أن تبحث عن فرصة عمل في مكان آخر».

وتؤكد الشركات على بائعي منتجاتها وشركائها التجاريين، ضرورة اتباع مبادئها التوجيهية المتعلقة بعلامتها التجارية إذا أرادت الشركة بيع منتجاتها، وتصر تلك الشركات على حقها في حماية معايير العلامة التجارية، وطريقة الربط بين العلامة التجارية وغيرها من المنتجات، وربما تفرض رقابة مشددة على طرق استخدام علامتك التجارية داخل شركتك.

وفي الكثير من الأحيان، تثار مسألة الرقابة في النقاشات المتعلقة بـ«تجربة العملاء».

ونقوم بتصميم تجربة العملاء في واجهة المتاجر، وفي عملية اختيار المنتجات على شبكة الإنترنت، وفي المنتجات التي نختار طرحها للبيع على الموقع الإلكتروني.

وإذا كانت شركتك تقوم ببيع منتجات «دورا ذي إكسبلورار» للأطفال، فإنك تدافع عن حقك في فرض رقابة على إدراج أي منتجات من «بلاي بوي» و«باد لايت» أو غيرها من المنتجات التي تعتقد أنها غير مناسبة لعملائك، وتقوم بتطبيق الرقابة بصورة دائمة ومنتظمة في كل مسار من جوانب الاتصالات التي تصل إلى عملائك.

أما على مستوى المنزل، فإنني كأب أعمد إلى فرض الرقابة على أطفالي، وإذا ما صدرت منهم أي إهانة تطالني شخصياً أو تكون موجهة نحو زوجتي والقواعد التي نحرص على تطبيقها على مستوى الأسرة، فإنني أفرض الرقابة، وأدافع عن حقي في اتباع هذا النهج، كما أتوقع منهم أن يتصرفوا على نحو مختلف داخل البيت، ووفق المجال الذي أحدده.

وفي مكان العمل، تقوم الشركات، مثل «آي بي إم» و«مايكروسوفت» و«غوغل» وغيرها من الشركات، بفرض رقابة على موظفيها، وتدافع عن حقها في القيام بذلك. ومن الممارسات الشائعة أن تكون هناك قواعد يجري تطبيقها في مكان العمل، مثل مناهضة توزيع المواد الإباحية والنشرات السياسية والمواد ذات الصلة بجرائم الكراهية، وهناك أمثلة كثيرة، ومنها الحظر المفروض على المعلومات التي توضح طرق بناء قنبلة أنبوبية الشكل لكي تفجر رئيسك في العمل، أو نشر أي مواد يمكن أن تستخدم ضد أعراق معينة من الناس.

إذاً .. ما السبب الذي قد يدفعنا إلى عدم تأييد الرقابة على نطاق أوسع بكثير؟ دعنا نفكر الآن في مشكلة «غوغل» الحالية مع الصين، فلماذا تعد هذه المسألة نقطة صراع من جانب «غوغل»، وترفض الانصياع لمطالب الرقابة من قبل الصين، وترى في ذلك الأمر أنه غير مناسب؟ وتزعم الصين أن حقوق تلك الشركات، مثل «غوغل» و«آبل» و«آي بي إم» تنحصر داخل أماكن عملها فقط، فما الذي يعطي «غوغل» الحق في فرض معاييرها على الصين، علماً أن الشركة ذاتها تدافع بقوة عن حقها في فرض رقابة على العاملين لديها في الولايات المتحدة وفي أماكن العمل الأخرى؟

إن الرقابة تصرف مناسب، ولكل كيان الحق في فرض الرقابة وفق المعايير المحددة الخاصة به ضمن النطاق الذي تمتلكه، سواء كان ذلك في المنزل أو ضمن الممتلكات على شبكة الإنترنت، أو في أماكن العمل، أو حتى على مستوى الأمة بأسرها.

وعندما يتم تطبيق الرقابة بشكل صحيح، يمكن استخدامها في أغراض تحرير المحتوى وحجب بعض المواد دون تغيير المحتوى والمنتجات والعقود، ليتناسب ذلك مع احتياجات الخدمة الذاتية للملوك والرؤساء والحكام، وحتى للشركات، وذلك لأن الرقابة تحدد المعايير وتحمي العلامات التجارية.

الكاتب:- إيان غيليات

0 التعليقات :

إرسال تعليق