أحد أكثر الأسئلة التي تطرح في عالم الأعمال اليوم هو فيما إذا كان هناك أي ارتباط بين المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة وربحيتها. وإن البحث الذي قمت بإجرائه يلقي ضوءاً جديداً على هذا الموضوع.
تلقت قضايا الأخلاق والمبادئ في عالم الأعمال التجارية قدراً كبيراً من الاهتمام خلال السنوات القليلة الماضية، وكان هذا من الناحية السلبية في أغلب الأحيان. أما أنا فكنت مهتماً بالجوانب الإيجابية التي يتلاقى فيها عالم الأعمال والمجتمع. واليوم نرى العديد من المؤسسات تضع اهتمامها على إطلاق المبادرات البيئية والاجتماعية، وغالباً ما تسمى تلك بمبادرات الاستدامة. وقد تساءلت أنا وزميلي جيورج سيرافين من كلية «هارفارد للأعمال»، فيما إن كان لهذه المبادرات تأثير مباشر على الأداء المالي للمؤسسات. وبعبارة أخرى، هل تعد مبادرات المسؤولية الاجتماعية هذه، وسيلة لخلق قيمة اقتصادية حقيقية.
كان من الصعب في الماضي العثور على أي أدلة تجريبية حول وجود علاقة لا تشوبها المصلحة. وكنا نظن بأنه إذا كان هناك أي ارتباط بين المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والربحية، فينبغي علينا أن نكون قادرين على تتبع ذلك من خلال دراسة الطريقة التي يتم بها نقل المعلومات إلى أسواق رأس المال. وقد فكرنا بالتأثير الناتج عن توصيات محللين لخدمات الاستثمار، وتوقعات النمو على المدى الطويل على توقعات القيم الناتجة على مستوى الشركات. وتشير الأدلة إلى أنها وسيط مهم للمعلومات، وهناك مجموعة كبيرة من المطبوعات المنشورة حول دراسة دورها وتأثيرها على أسواق رأس المال، وعلى وجه الخصوص حول أسعار الأسهم وحجم التداولات، حيث إنها تعكس توقعات أصحاب الأسهم حول مستقبل الشركة.
وقد تمكنا من الحصول على بيانات حول ذلك من «KLD» إحدى الشركات الرائدة في مجال إصدار تقارير وتقييمات حول المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات في الولايات المتحدة، ومن ثم عدنا خطوة إلى الوراء للحصول على فهم أفضل حول تقييم المحللين وردود فعلهم المحتملة حول هذه التقييمات. وعلى سبيل المثال فإن المحللين يميلون إلى إعطاء توقعات دقيقة عندما يتعلق الأمر بالعمل في مجال التمويل. ومع ذلك ومن خلال دراسات علم الاجتماع الاقتصادي، وجد بأنه عندما تقوم الشركات بالحياد عن استراتيجيتها الأصلية بصورة تبدو وكأنها تتحرك بعيداً عن تصنيف الصناعة التقليدية التي تعمل بها، يميل المحللون إلى تقليل تغطيتهم والتأخر في تعديل نماذج تقييمهم لسلوكيات هذه الشركات. ويتجلى ذلك بصورة سلبية على أسهم تلك الشركات على المدى القصير.
لذا، فكثيراً ما يكون هناك بعض التأخير من قبل المحللين في الاعتراف بأن حدوث تغير في استراتيجية بعض الشركات قد تكون خطوة مفيدة لمصلحتها ومصلحة حاملي أسهمها. فإذا أقدمت شركة على تحسين معايير السلامة أو الانتقال إلى صناعة مختلفة على سبيل المثال، فمن المرجح أن يستغرق المحللون بعض الوقت لفهم ودمج هذه الإجراءات في نماذج التقييم، وبالتالي عكس الفوائد المحتملة على المدى الطويل للشركة، ومستوى الفائدة أو القيم المتكونة في توصياتهم.
ومن خلال بحثنا ودراستنا، وجدنا بأنه حتى الفترة بين 1997/1998، إذا قامت شركة بإطلاق مبادرات للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، يميل المحللون إلى انتقادها بصورة سلبية. أما بعد العام 1998، وجدنا بأن هذا بدأ يأخذ اتجاهاً مغايراً بصورة إيجابية، حيث بدأ المحللون يفهمون ويفكرون على نحو أكثر إيجابية حول مبادرات المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات.
وفي سبيل أن نفهم لماذا كان الحال كذلك، بحثنا في مقالات ذكرت فيها جملة «المسؤولية الاجتماعية للشركات» في قاعدة بيانات «Factiva» للفترة بين 1990 حتى 2001 وما بعدها. وأنتجنا رسماً بيانياً وفقاً للأعوام والبيانات التي تم تحصيلها، فوجدنا بأنه خلال العام 1990 كان ذكر الجملة مفقوداً من الإعلام، ثم في فترة العامين 1998 و1999 شهدنا نمواً في ذكر «المسؤولية الاجتماعية للشركات» في الصحافة المعروفة. ومن خلال ذلك أدركنا أن مشروعية هذه الاستراتيجية الخارجية قد بدأت تأخذ دوراً كبيراً في المجتمع، إضافة إلى زيادة وعي المحللين حول تأثير المسؤولية الاجتماعية على القيمة المحتملة للشركات. ووفقاً لتحليلنا الاقتصادي، فقد حدث هذا في الوقت نفسه الذي بدأ فيه موقف المحللين يتغير تجاه «المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات».
آثار مؤكدة
كل ذلك يهم قادة الشركات الملتزمة بالمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، فمن الواضح أنه يجب على الشركات أن تعمل بشكل وثيق مع مجتمع المستثمرين لتعزيز التفاعل بين المحللين والمستثمرين والشركات، للسماح لهم بمعرفة ما تحاول الشركة تحقيقه بالضبط من خلال استراتيجيتها للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات. وبهذه الطريقة، ستبقي المحللين على اطلاع، وتعرفهم بتوجه الشركة الاستراتيجي. وبعبارة أخرى، نقدم نصحاً لمديري الشركات بتثقيف وإبقاء المحللين على علم بما هو هدف الشركة والسبب وراء المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، والقيمة التي تولدها للمؤسسة على المدى الطويل، علاوة على التركيز لزيادة القيمة للمساهمين. كما يتعين على المديرين عدم إخفاء تفانيهم لتطبيق المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات. وقد وجدنا أن الارتباط الإيجابي بين المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والتوصيات أقوى للشركات الأكثر وضوحاً، ما يوحي بأن فوائد هذه المبادرات أكبر للشركات الأكثر وضوحاً.
كما تتبعنا في بحثنا سلوك المحللين ودراسة متابعتهم لشركة معينة لسنوات عديدة، والفكرة وراء ذلك هي إذا ما كان شخص يتتبع شركة لسنوات عديدة ويقرأ جميع تقاريرها، فهو أو هي أكثر إدراكاً للآثار الناتجة عن استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات لتلك الشركة. أما الأمر الآخر الذي أدركناه فهو حجم الشركة التي يعمل بها ولديها إدراك أكبر لاستراتيجيات المسؤولية الاجتماعية، نتيجة لحجم الموارد البحثية والدعم الإداري الذي توظفه هذه الشركات. وقمنا بوضع مقياس مركز أطلق عليه «الوعي حول المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات»، والذي يقوم على أساس العدد الإجمالي للشركات التي يتتبعها المحلل وقوة مبادرات المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات لتلك الشركات. وأدركنا بأنه كلما كانت قدرة المحللين على فهم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات أكبر، كانوا أكثر عرضة لإدراج استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات بشكل إيجابي في توصياتهم.
وخلاصة القول، ينبغي على مسؤولي الشركات التركيز بصفة خاصة على الإفصاح وإيضاح قيمة استراتيجيات شركاتهم للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات لمجتمع المستثمرين، حيث يجب عليهم تسليط الضوء ليس على تكاليف هذه المبادرات على المدى القصير فحسب، بل أيضاً على الفوائد طويلة الأجل، التي يمكن أن تخفف الصعوبات التي قد تواجه المستثمرين في فهم القيم والفوائد التي ستتولد من خلال هذه الأنشطة، وربما تسريع تعديل تقييمهم لهذه الاستراتيجيات التجارية الجديدة. وبعبارة أخرى، يجب على مسؤولي الشركات إدراك أن الجهة التي يتم الإفصاح إليها عن قيمة هذه الاستراتيجيات أهم من ما يتم الإفصاح عنه.
الكاتب:- إيوانيس إيوانو أستاذ مساعد في الإدارة الاستراتيجية والدولية
تلقت قضايا الأخلاق والمبادئ في عالم الأعمال التجارية قدراً كبيراً من الاهتمام خلال السنوات القليلة الماضية، وكان هذا من الناحية السلبية في أغلب الأحيان. أما أنا فكنت مهتماً بالجوانب الإيجابية التي يتلاقى فيها عالم الأعمال والمجتمع. واليوم نرى العديد من المؤسسات تضع اهتمامها على إطلاق المبادرات البيئية والاجتماعية، وغالباً ما تسمى تلك بمبادرات الاستدامة. وقد تساءلت أنا وزميلي جيورج سيرافين من كلية «هارفارد للأعمال»، فيما إن كان لهذه المبادرات تأثير مباشر على الأداء المالي للمؤسسات. وبعبارة أخرى، هل تعد مبادرات المسؤولية الاجتماعية هذه، وسيلة لخلق قيمة اقتصادية حقيقية.
كان من الصعب في الماضي العثور على أي أدلة تجريبية حول وجود علاقة لا تشوبها المصلحة. وكنا نظن بأنه إذا كان هناك أي ارتباط بين المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والربحية، فينبغي علينا أن نكون قادرين على تتبع ذلك من خلال دراسة الطريقة التي يتم بها نقل المعلومات إلى أسواق رأس المال. وقد فكرنا بالتأثير الناتج عن توصيات محللين لخدمات الاستثمار، وتوقعات النمو على المدى الطويل على توقعات القيم الناتجة على مستوى الشركات. وتشير الأدلة إلى أنها وسيط مهم للمعلومات، وهناك مجموعة كبيرة من المطبوعات المنشورة حول دراسة دورها وتأثيرها على أسواق رأس المال، وعلى وجه الخصوص حول أسعار الأسهم وحجم التداولات، حيث إنها تعكس توقعات أصحاب الأسهم حول مستقبل الشركة.
وقد تمكنا من الحصول على بيانات حول ذلك من «KLD» إحدى الشركات الرائدة في مجال إصدار تقارير وتقييمات حول المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات في الولايات المتحدة، ومن ثم عدنا خطوة إلى الوراء للحصول على فهم أفضل حول تقييم المحللين وردود فعلهم المحتملة حول هذه التقييمات. وعلى سبيل المثال فإن المحللين يميلون إلى إعطاء توقعات دقيقة عندما يتعلق الأمر بالعمل في مجال التمويل. ومع ذلك ومن خلال دراسات علم الاجتماع الاقتصادي، وجد بأنه عندما تقوم الشركات بالحياد عن استراتيجيتها الأصلية بصورة تبدو وكأنها تتحرك بعيداً عن تصنيف الصناعة التقليدية التي تعمل بها، يميل المحللون إلى تقليل تغطيتهم والتأخر في تعديل نماذج تقييمهم لسلوكيات هذه الشركات. ويتجلى ذلك بصورة سلبية على أسهم تلك الشركات على المدى القصير.
لذا، فكثيراً ما يكون هناك بعض التأخير من قبل المحللين في الاعتراف بأن حدوث تغير في استراتيجية بعض الشركات قد تكون خطوة مفيدة لمصلحتها ومصلحة حاملي أسهمها. فإذا أقدمت شركة على تحسين معايير السلامة أو الانتقال إلى صناعة مختلفة على سبيل المثال، فمن المرجح أن يستغرق المحللون بعض الوقت لفهم ودمج هذه الإجراءات في نماذج التقييم، وبالتالي عكس الفوائد المحتملة على المدى الطويل للشركة، ومستوى الفائدة أو القيم المتكونة في توصياتهم.
ومن خلال بحثنا ودراستنا، وجدنا بأنه حتى الفترة بين 1997/1998، إذا قامت شركة بإطلاق مبادرات للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، يميل المحللون إلى انتقادها بصورة سلبية. أما بعد العام 1998، وجدنا بأن هذا بدأ يأخذ اتجاهاً مغايراً بصورة إيجابية، حيث بدأ المحللون يفهمون ويفكرون على نحو أكثر إيجابية حول مبادرات المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات.
وفي سبيل أن نفهم لماذا كان الحال كذلك، بحثنا في مقالات ذكرت فيها جملة «المسؤولية الاجتماعية للشركات» في قاعدة بيانات «Factiva» للفترة بين 1990 حتى 2001 وما بعدها. وأنتجنا رسماً بيانياً وفقاً للأعوام والبيانات التي تم تحصيلها، فوجدنا بأنه خلال العام 1990 كان ذكر الجملة مفقوداً من الإعلام، ثم في فترة العامين 1998 و1999 شهدنا نمواً في ذكر «المسؤولية الاجتماعية للشركات» في الصحافة المعروفة. ومن خلال ذلك أدركنا أن مشروعية هذه الاستراتيجية الخارجية قد بدأت تأخذ دوراً كبيراً في المجتمع، إضافة إلى زيادة وعي المحللين حول تأثير المسؤولية الاجتماعية على القيمة المحتملة للشركات. ووفقاً لتحليلنا الاقتصادي، فقد حدث هذا في الوقت نفسه الذي بدأ فيه موقف المحللين يتغير تجاه «المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات».
آثار مؤكدة
كل ذلك يهم قادة الشركات الملتزمة بالمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، فمن الواضح أنه يجب على الشركات أن تعمل بشكل وثيق مع مجتمع المستثمرين لتعزيز التفاعل بين المحللين والمستثمرين والشركات، للسماح لهم بمعرفة ما تحاول الشركة تحقيقه بالضبط من خلال استراتيجيتها للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات. وبهذه الطريقة، ستبقي المحللين على اطلاع، وتعرفهم بتوجه الشركة الاستراتيجي. وبعبارة أخرى، نقدم نصحاً لمديري الشركات بتثقيف وإبقاء المحللين على علم بما هو هدف الشركة والسبب وراء المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، والقيمة التي تولدها للمؤسسة على المدى الطويل، علاوة على التركيز لزيادة القيمة للمساهمين. كما يتعين على المديرين عدم إخفاء تفانيهم لتطبيق المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات. وقد وجدنا أن الارتباط الإيجابي بين المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والتوصيات أقوى للشركات الأكثر وضوحاً، ما يوحي بأن فوائد هذه المبادرات أكبر للشركات الأكثر وضوحاً.
كما تتبعنا في بحثنا سلوك المحللين ودراسة متابعتهم لشركة معينة لسنوات عديدة، والفكرة وراء ذلك هي إذا ما كان شخص يتتبع شركة لسنوات عديدة ويقرأ جميع تقاريرها، فهو أو هي أكثر إدراكاً للآثار الناتجة عن استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات لتلك الشركة. أما الأمر الآخر الذي أدركناه فهو حجم الشركة التي يعمل بها ولديها إدراك أكبر لاستراتيجيات المسؤولية الاجتماعية، نتيجة لحجم الموارد البحثية والدعم الإداري الذي توظفه هذه الشركات. وقمنا بوضع مقياس مركز أطلق عليه «الوعي حول المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات»، والذي يقوم على أساس العدد الإجمالي للشركات التي يتتبعها المحلل وقوة مبادرات المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات لتلك الشركات. وأدركنا بأنه كلما كانت قدرة المحللين على فهم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات أكبر، كانوا أكثر عرضة لإدراج استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات بشكل إيجابي في توصياتهم.
وخلاصة القول، ينبغي على مسؤولي الشركات التركيز بصفة خاصة على الإفصاح وإيضاح قيمة استراتيجيات شركاتهم للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات لمجتمع المستثمرين، حيث يجب عليهم تسليط الضوء ليس على تكاليف هذه المبادرات على المدى القصير فحسب، بل أيضاً على الفوائد طويلة الأجل، التي يمكن أن تخفف الصعوبات التي قد تواجه المستثمرين في فهم القيم والفوائد التي ستتولد من خلال هذه الأنشطة، وربما تسريع تعديل تقييمهم لهذه الاستراتيجيات التجارية الجديدة. وبعبارة أخرى، يجب على مسؤولي الشركات إدراك أن الجهة التي يتم الإفصاح إليها عن قيمة هذه الاستراتيجيات أهم من ما يتم الإفصاح عنه.
الكاتب:- إيوانيس إيوانو أستاذ مساعد في الإدارة الاستراتيجية والدولية
0 التعليقات :
إرسال تعليق