لقد مرت سنوات وربما تصل إلى عقد من الزمن منذ أن فكرت في موضوع الهدف.
وربما تكون هذه الفكرة أمريكية بامتياز، ولاسيما أنها تتعلق باختيار هدف فردي في الحياة، والتي أقصد بها هدفاً متميزاً لمدى من الطموح إلى حد ما، بحيث يكون كافياً للإلهام طوال سنوات من الجهد وركوب أمواج الخطورة الكبيرة. ولو كان من الممكن تحقيق هدف الشخص من خلال عمل أشياء بسيطة مثل جمع المال والتطوير الوظيفي وأن يكون جاراً طيباً، عند ذلك يكون قد أنجز عملاً جيداً في كل شيء باستثناء الهدف الشخصي.
ولا يشعر كل إنسان أنه حر في اختيار هدفه الشخصي، بل نجد أن معظم الناس مجبرون على تحديد أعمالهم وطموحاتهم في الحياة وفق مقتضيات الدين أو الأمة أو العائلة أو مجموعة الأقران. وبصفتنا مخلوقات ننتمي إلى التاريخ والمجتمع، يكاد يكون من المستبعد، بل من المتعذر تماماً، أن يستطيع أي فرد منا عزل نفسه عن الجماعة، وأن ينأى كلياً عن شؤونها الحتمية الراسخة، وما تشتمل عليه من قيم وفضائل.
وربما لا يمتلك كل شخص الاستعداد التام لتجاهل الرأي العام أو الضغوط التي تفرضها الأسرة عليه.
وقد لا يكون الأمريكيون متمسكين بالتقاليد مثلما هي حال الثقافات الأخرى في العالم، وربما يعزى ذلك بشكل أساسي إلى أن الكثير من الأمم والطوائف العرقية الأخرى قد انضمت إلى ما يطلق عليه «التجربة الأمريكية»، وانصهرت هذه المجموعات في بوتقة تعلمت فيها فن التعايش والتسامح مع معتقدات الآخرين وآمالهم. كما يعيش أطفالهم مع فكرة الحرية الفردية كحق شخصي يكفله القانون. لكن مع ذلك نجد أن الكثير من «الخراف السود» قد ابتعدت عن مكان تجمع القطيع كما نصف ذلك في الولايات المتحدة بالمزيج المعتاد من الاستعارات والألفاظ التي نسيء استخدامها. ولن أحاول الإسهاب في شرح هذا الموضوع، لكن تكفي الإشارة إلى أن الأطفال الأمريكيين كثيراً ما كانوا سبباً في إحباط مطالب وصلوات آبائهم.
وإذا كان التمرد على ممارسات العمل التقليدي والتكنولوجيا التي عفا عليها الزمن يؤدي إلى حدوث التطور، لا يمكن أن يوصف التمرد على العائلة والأصدقاء بأنه ابتكار مثمر، وفي أحسن الأحوال يكون محايداً. وإذا ما أقدم شخص على مسح شيء ما، فإن ما سيتركه هو غياب اللون والملمس، أي صفحة خالية. وتتاح للشخص الفرصة للتمتع بالحرية من الناحية النظرية لابتكار شيء فردي وجديد على تلك الصفحات الخالية.
بيد أن الإقدام على عمل من هذا النوع في وقت متأخر من عمر الإنسان قد لا يبدو جائزاً، حيث يكاد الشباب يستحوذون على حق إطلاق مغامرات جديدة ومتهورة خاصة بهم، ولا يمكن لكبار السن الشروع بنهج مماثل.
إن ما دفعني إلى الكتابة عن الهدف في هذا المقال هو أنني شاهدت نظرة استغراب رسمت على وجه صديق كبير السن بعد أن قلت له «إنني بدأت للتو» رحلة تأمين معيشتي وكسب قوت يومي ورعاية أسرتي.
فليبارك الله في قلبه، أما أنا فأتوق إلى سماع تلك العبارة التي تؤكد على حقيقة أن كل رجل يحتاج إلى الشعور بالهدف، لأنه ليس كافياً أن تقوم بالعمل الروتيني في الحياة، ولن يكون أحدنا مختلفاً عن الآلة ما لم يحدد هدفاً جديداً لنفسه، بصرف النظر عن الالتزامات والعادات والواجبات التي تعيق وتهدد بإفساد ما تبقى من الأيام المتبقية في أعمارنا. إن الهدف الشخصي يأخذنا إلى عالم من الأحلام والخيال.
وهناك وقت طبيعي للطموح في مرحلة الشباب، وهي المرحلة العمرية الممتدة من سن الـ20 وحتى الـ30 عاماً من العمر، وفيها نقوم بأولى خطواتنا الواسعة وغير المقيدة في العمل أو الوظيفة المتخصصة.
لكن ذلك قد يحدث أيضاً بالنسبة إلى الرجال والنساء من كبار السن، وخصوصاً عندما يكبر أطفالهم ويقررون العيش بشكل مستقل. فماذا يمكن للشخص في سن الـ60 أن يفعل بعد أن يطير الفراخ من العش ويبلغ من العمر عتياً؟ وهل يمكنه أن يدخل منافسة من الصفر مع جيل الشباب الأصغر سناً والأذكى والأسرع والأكثر دراية وتعلقاً بالتكنولوجيا؟
في رأيي، يوجد هناك الكثير من الفرص للرجال والنساء عند وصولهم إلى أرذل العمر، فالشباب يحتاجون إلى القيادة والإلهام وحشد حماستهم وطاقاتهم الخام نحو هدف بعيد وصعب يلزمه التضحية والبطولة.
إن الثورات تقتحم العقل بشكل لا إرادي، حتى وإن كانت مريعة. ويعمد القادة إلى محاصرة الشباب دائماً، ويسخرون إرادتهم من أجل تحقيق حلم المجد لرجل كبير.
لكن هذه السمة لا تنطبق علي شخصياً، ولا على أي رجل يبحث عن تحقيق هدف شخصي. فجوهر الهدف الشخصي هو تحقيقه بالاعتماد على الذات، أو مع أقل عدد من الآخرين الذين يجب أن تتم السيطرة عليهم وقيادتهم.
إنني أحب المقاولين، لأنه يمكن أن يكون هناك توافق بين هدفهم وهدفي لفترة وجيزة من الوقت لتحقيق مهمة معينة، من دون أن يترتب على ذلك أي التزام آخر. ويمكنني أن أستخدم الكثير من المقاولين من دون التضحية بملكية المشروع، ولا يتعين عليهم التعهد بالولاء أو مصادرة طموحاتهم الخاصة.
لذلك، أصبحت المسألة بالنسبة إلي بسيطة، فهي لا تحتاج إلى جيش. فما هو المشروع الذي يثير طموحي وإلهامي الشخصي والذي يستحق التضحية الشخصية والعمل بقية حياتي؟
وعلى افتراض أن هناك خمس أو عشر سنوات متاحة أمامي للاستثمار، فما هي أفضل النتائج التي يمكنني تحقيقها؟
وما هو الشيء الذي يعتبر صعباً للغاية ونادراً حتى أموت قرير العين لأنني أدرك تماماً أنني أسعى وراء هدف نبيل، مثلما عرفه الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا؟
أعتقد أن موضوع كسب المال وتوفيره لعائلتي ليس مشكلة، ولاسيما أنني أفعل ذلك دائماً.
لكن لا بد أن يكون هناك شيء شخصي، وتحديداً لنفسي، وإلا سأموت كأي فرد من دون أحلام ولا طموحات خاصة بي.
إن ما أقدمت على اختياره بعد الكثير من التفكير ليكون هدفي في هذه المرحلة من الحياة قد يبدو تافهاً مقارنة بالآخرين. فالفردية تجبرنا على التصرف بهذا الشكل. وما يمكن أن تختاره هو أمر خاص بك بشكل كامل.
لقد اخترت عمل تشكيلة من الصور الفوتوغرافية لكل ما هو جميل. ويمكنك أن تسميها هواية، لكن ذلك هو هدفي، وسأحققه بشكل فردي للتعبير عن عمق الحنين لرؤية شخصية لا نظير لها.
الكاتب:- آلان فون ألتيندورف مدير عام سي دبليو إس إكس للاستشارات النفطية
وربما تكون هذه الفكرة أمريكية بامتياز، ولاسيما أنها تتعلق باختيار هدف فردي في الحياة، والتي أقصد بها هدفاً متميزاً لمدى من الطموح إلى حد ما، بحيث يكون كافياً للإلهام طوال سنوات من الجهد وركوب أمواج الخطورة الكبيرة. ولو كان من الممكن تحقيق هدف الشخص من خلال عمل أشياء بسيطة مثل جمع المال والتطوير الوظيفي وأن يكون جاراً طيباً، عند ذلك يكون قد أنجز عملاً جيداً في كل شيء باستثناء الهدف الشخصي.
ولا يشعر كل إنسان أنه حر في اختيار هدفه الشخصي، بل نجد أن معظم الناس مجبرون على تحديد أعمالهم وطموحاتهم في الحياة وفق مقتضيات الدين أو الأمة أو العائلة أو مجموعة الأقران. وبصفتنا مخلوقات ننتمي إلى التاريخ والمجتمع، يكاد يكون من المستبعد، بل من المتعذر تماماً، أن يستطيع أي فرد منا عزل نفسه عن الجماعة، وأن ينأى كلياً عن شؤونها الحتمية الراسخة، وما تشتمل عليه من قيم وفضائل.
وربما لا يمتلك كل شخص الاستعداد التام لتجاهل الرأي العام أو الضغوط التي تفرضها الأسرة عليه.
وقد لا يكون الأمريكيون متمسكين بالتقاليد مثلما هي حال الثقافات الأخرى في العالم، وربما يعزى ذلك بشكل أساسي إلى أن الكثير من الأمم والطوائف العرقية الأخرى قد انضمت إلى ما يطلق عليه «التجربة الأمريكية»، وانصهرت هذه المجموعات في بوتقة تعلمت فيها فن التعايش والتسامح مع معتقدات الآخرين وآمالهم. كما يعيش أطفالهم مع فكرة الحرية الفردية كحق شخصي يكفله القانون. لكن مع ذلك نجد أن الكثير من «الخراف السود» قد ابتعدت عن مكان تجمع القطيع كما نصف ذلك في الولايات المتحدة بالمزيج المعتاد من الاستعارات والألفاظ التي نسيء استخدامها. ولن أحاول الإسهاب في شرح هذا الموضوع، لكن تكفي الإشارة إلى أن الأطفال الأمريكيين كثيراً ما كانوا سبباً في إحباط مطالب وصلوات آبائهم.
وإذا كان التمرد على ممارسات العمل التقليدي والتكنولوجيا التي عفا عليها الزمن يؤدي إلى حدوث التطور، لا يمكن أن يوصف التمرد على العائلة والأصدقاء بأنه ابتكار مثمر، وفي أحسن الأحوال يكون محايداً. وإذا ما أقدم شخص على مسح شيء ما، فإن ما سيتركه هو غياب اللون والملمس، أي صفحة خالية. وتتاح للشخص الفرصة للتمتع بالحرية من الناحية النظرية لابتكار شيء فردي وجديد على تلك الصفحات الخالية.
بيد أن الإقدام على عمل من هذا النوع في وقت متأخر من عمر الإنسان قد لا يبدو جائزاً، حيث يكاد الشباب يستحوذون على حق إطلاق مغامرات جديدة ومتهورة خاصة بهم، ولا يمكن لكبار السن الشروع بنهج مماثل.
إن ما دفعني إلى الكتابة عن الهدف في هذا المقال هو أنني شاهدت نظرة استغراب رسمت على وجه صديق كبير السن بعد أن قلت له «إنني بدأت للتو» رحلة تأمين معيشتي وكسب قوت يومي ورعاية أسرتي.
فليبارك الله في قلبه، أما أنا فأتوق إلى سماع تلك العبارة التي تؤكد على حقيقة أن كل رجل يحتاج إلى الشعور بالهدف، لأنه ليس كافياً أن تقوم بالعمل الروتيني في الحياة، ولن يكون أحدنا مختلفاً عن الآلة ما لم يحدد هدفاً جديداً لنفسه، بصرف النظر عن الالتزامات والعادات والواجبات التي تعيق وتهدد بإفساد ما تبقى من الأيام المتبقية في أعمارنا. إن الهدف الشخصي يأخذنا إلى عالم من الأحلام والخيال.
وهناك وقت طبيعي للطموح في مرحلة الشباب، وهي المرحلة العمرية الممتدة من سن الـ20 وحتى الـ30 عاماً من العمر، وفيها نقوم بأولى خطواتنا الواسعة وغير المقيدة في العمل أو الوظيفة المتخصصة.
لكن ذلك قد يحدث أيضاً بالنسبة إلى الرجال والنساء من كبار السن، وخصوصاً عندما يكبر أطفالهم ويقررون العيش بشكل مستقل. فماذا يمكن للشخص في سن الـ60 أن يفعل بعد أن يطير الفراخ من العش ويبلغ من العمر عتياً؟ وهل يمكنه أن يدخل منافسة من الصفر مع جيل الشباب الأصغر سناً والأذكى والأسرع والأكثر دراية وتعلقاً بالتكنولوجيا؟
في رأيي، يوجد هناك الكثير من الفرص للرجال والنساء عند وصولهم إلى أرذل العمر، فالشباب يحتاجون إلى القيادة والإلهام وحشد حماستهم وطاقاتهم الخام نحو هدف بعيد وصعب يلزمه التضحية والبطولة.
إن الثورات تقتحم العقل بشكل لا إرادي، حتى وإن كانت مريعة. ويعمد القادة إلى محاصرة الشباب دائماً، ويسخرون إرادتهم من أجل تحقيق حلم المجد لرجل كبير.
لكن هذه السمة لا تنطبق علي شخصياً، ولا على أي رجل يبحث عن تحقيق هدف شخصي. فجوهر الهدف الشخصي هو تحقيقه بالاعتماد على الذات، أو مع أقل عدد من الآخرين الذين يجب أن تتم السيطرة عليهم وقيادتهم.
إنني أحب المقاولين، لأنه يمكن أن يكون هناك توافق بين هدفهم وهدفي لفترة وجيزة من الوقت لتحقيق مهمة معينة، من دون أن يترتب على ذلك أي التزام آخر. ويمكنني أن أستخدم الكثير من المقاولين من دون التضحية بملكية المشروع، ولا يتعين عليهم التعهد بالولاء أو مصادرة طموحاتهم الخاصة.
لذلك، أصبحت المسألة بالنسبة إلي بسيطة، فهي لا تحتاج إلى جيش. فما هو المشروع الذي يثير طموحي وإلهامي الشخصي والذي يستحق التضحية الشخصية والعمل بقية حياتي؟
وعلى افتراض أن هناك خمس أو عشر سنوات متاحة أمامي للاستثمار، فما هي أفضل النتائج التي يمكنني تحقيقها؟
وما هو الشيء الذي يعتبر صعباً للغاية ونادراً حتى أموت قرير العين لأنني أدرك تماماً أنني أسعى وراء هدف نبيل، مثلما عرفه الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا؟
أعتقد أن موضوع كسب المال وتوفيره لعائلتي ليس مشكلة، ولاسيما أنني أفعل ذلك دائماً.
لكن لا بد أن يكون هناك شيء شخصي، وتحديداً لنفسي، وإلا سأموت كأي فرد من دون أحلام ولا طموحات خاصة بي.
إن ما أقدمت على اختياره بعد الكثير من التفكير ليكون هدفي في هذه المرحلة من الحياة قد يبدو تافهاً مقارنة بالآخرين. فالفردية تجبرنا على التصرف بهذا الشكل. وما يمكن أن تختاره هو أمر خاص بك بشكل كامل.
لقد اخترت عمل تشكيلة من الصور الفوتوغرافية لكل ما هو جميل. ويمكنك أن تسميها هواية، لكن ذلك هو هدفي، وسأحققه بشكل فردي للتعبير عن عمق الحنين لرؤية شخصية لا نظير لها.
الكاتب:- آلان فون ألتيندورف مدير عام سي دبليو إس إكس للاستشارات النفطية
0 التعليقات :
إرسال تعليق